إلى هلاك نفسه وإن كان السفر قصيرا فإن كان تكسبه في كل يوم (بقدر كفاية ذلك اليوم من غير فضل لم يلزمه الحج لأنه قد ينقطع عن كسبه في أيام الحج فيتضرر وإن كان كسبه في كل يوم) يكفيه لأيام لم يلزمه الحج [ايض] للمشقة ولأنه غير واجد لشرط الحج وللتأمل فيه مجال (الرابع) اطلاق كلام [المص] وغيره يقتضى اعتبار قدر الكفاية من الزاد والراحلة ذهابا وإيابا ولا يعتبر في اعتبار الزاد والراحلة للاياب ان يكون له مسكن في بلده أو أهل وعشيرة يأوى إليهم وبه صرح [المص] في المنتهى و [كره] محتجا بان في التكليف بالإقامة في غير الوطن مشقة شديدة وحرجا عظيما والحجة مختصة بصورة المشقة فعند عدمها كما إذا كان وحيدا غير متعلق ببعض البلاد دون بعض أو كان له وطن لكن لا يريد (العود) إليه لم يبعد عدم اعتبار مؤنة العود في حقه نظرا إلى عموم الآية والاخبار (الخامس) [الظ] انه لا يعتبر في الاستطاعة حصولها من البلد فلو اتفق كون المكلف في غير بلده واستطاع للحج والعود إلى بلده وجب عليه الحج وان لم يكن له الاستطاعة من بلده كما صرح به بعض المتأخرين وذكر الشهيد الثاني ان من أقام في غير بلده انما يجب عليه الحج إذا كان مستطيعا من بلده الا ان يكون اقامته في الثانية على وجه الدوام أو مع انتقال الفرض كالمجاور بمكة بعد السنتين ويدل على الأول مضافا إلى عموم النصوص السالم من العارض ما رواه الصدوق عن معوية بن عمار في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يمر مجتازا يريد اليمن أو غيرها من البلدان وطريقه بمكة فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى الشاهد أيجزيه ذلك من حجة الاسلام قال نعم " (السادس) المراد بالرجوع إلى كفاية ان يكون له عقار متخذ للنماء أو يكون له رأس مال يحصل من ربحه ما يتعيش به أو يكون له مال يكفيه أو صناعة أو حرفة يحصل بها كفاية (السابع) اختلف الأصحاب في اشتراط الرجوع إلى كفاية فذهب ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمرتضى وابن إدريس إلى أنه لا يشترط ونسب هذا القول إلى الأكثر وذهب الشيخان إلى الاشتراط ونسب القول به إلى أبى الصلاح وابن البراج وابن حمزة ونسبه السيد المرتضى إلى كثير من أصحابنا ونقل الشيخ الاجماع عليه وذكر ابن إدريس ان هذا المذهب لم يذهب إليه أحد من أصحابنا سوى الشيخ في [يه] والجمل والأقرب الأول لنا عمومه قوله [تع] ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا وصحيحة محمد بن يحيى الخثعمي وحسنة الحلبي المذكورتان عند شرح وجوب الاستطاعة وغيرهما من الأخبار المذكورة هناك احتج الشيخ بأصالة البراءة والاجماع وبما رواه الكليني والشيخ عنه عن أبي الربيع الشامي في القوى ورواه الصدوق عن أبي الربيع في القوى [ايض] قال سئل أبو عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا فقال ما يقول الناس قال فقلت له الزاد والراحلة قال فقال أبو عبد الله (ع) قد سئل أبو جعفر (ع) عن هذا فقال هلك الناس إذا لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت عياله ويستغنون به عن الناس ينطلق فيسئلهم إياه لقد هلكوا إذا فقيل له فما السبيل قال فقال السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقى بعض لقوت عياله أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها الا على من ملك مأتى درهم والجواب عن الأول ان الأصل انتفى بالدليل الذي ذكرنا وعن الثاني بمنع الاجماع في موضع النزاع وعن الثالث بعد الاغماص عن السند ان الرواية غير دالة على مطلوب الشيخ فان المستفاد منها انه يعتبر زيادة على الزاد والراحلة نفقة العيال ذاهبا وعائدا ونحن لا ننازع في ذلك قال [المص] في [لف] بعد أن أجاب عن الرواية بنحو ما ذكرنا نعم قد روى شيخنا المفيد رحمه الله في المقنعة هذا الحديث بزيادة مرجحة موضحة لما ذهبنا إليه وهو قد قيل لأبي جعفر (ع) ذلك فقال هلك الناس إذا كان من له زاد وراحلة لا يملك غيرهما ومقدار ذلك مما يقوت به عياله ويستغنى به عن الناس فقد وجب عليه ان يحج ثم يرجع فيسأل الناس بكفه لقد هلك اذن فقيل له فما السبيل عندك قال السعة في المال وهو ان يكون معه ما يحج ببعضه ويبقى البعض يقوت به نفسه وعياله (بقوله (ع) ثم يرجع فيسأل الناس بكفه فيه تنبيه على اشتراط الكفاية من مال أو صنعة كما ذهب إليه الشيخان ثم قوله ويبقى البعض يقوت نفسه وعياله) يعنى وقت رجوعه والا فكيف يقوت نفسه بذلك البعض مع أنه قد خرج إلى الحج انتهى كلامه ولا يخفى ان هذه الرواية مع هذه الزيادة [ايض] غير واضحة الدلالة على مدعاهم فان أقصى ما يستفاد من قوله (ع) ثم يرجع فيسأل الناس بكفه اعتبار بقاء شئ بعد الحج في أثناء الرجوع أو بعد الرجوع إلى بلده وهو غير دال على كون القدر المعتبر ما به يحصل الكفاية على الوجه الذي ذكروه فيحتمل ان يكون المراد منه قوت السنة له لعياله إذ ذلك كاف في عدم السؤال بعد الرجوع وبه يحصل الغناء الشرعي وكذا الكلام في قوله يبقى البعض يقوت به نفسه وعياله على أنه يحتمل ان يكون قوله يقوت به نفسه بيانا لما يحج به وقوله وعياله بيانا لقوله ويبقى البعض
(٥٥٩)