تفسير علي بن إبراهيم: * (فيها يفرق كل أمر حكيم) * أي يقدر الله كل أمر من الحق ومن الباطل، وما يكون في تلك السنة، وله فيه البداء والمشية، يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء من الآجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض، ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء، ويلقيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمة (عليهم السلام) حتى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه، ويشترط له فيه البداء والمشيئة والتقديم والتأخير. قال: حدثني بذلك أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن (عليهم السلام) (1).
كتاب الإمامة والتبصرة عن الصادق (عليه السلام) قال: كان في بني إسرائيل نبي وعده الله أن ينصره إلى خمس عشرة ليلة فأخبر بذلك قومه، فقالوا: والله إذا كان ليفعلن وليفعلن، فأخره الله إلى خمس عشرة سنة، وكان فيهم من وعده الله النصرة إلى خمس عشرة سنة فأخبر بذلك النبي قومه، فقالوا: ما شاء الله، فعجله الله لهم في خمس عشرة ليلة (2).
أقول: إثبات البداء له تعالى شأنه كما هو مفاد الآيات والروايات المتواترات إثبات لبدء الخلق ونفي القدم والأزلية عن غيره تعالى، فهو رد لمقالة محققي البشر في معارفهم، وهي القول بكون النظام الكائن هو النظام الأتم الذي لابد من تحققه وجوبا لكونه من لوازم ذات الحق تعالى شأنه، ولامتناع تخلفه عنه لامتناع تخلف المعلول عن علته التامة، فأثبتوا بذلك في زعمهم أزلية العالم وأبديته مع أن هذا شرك بالأدلة الأربعة.
وأثبتوا أيضا مفاد مقالة اليهود وهي وجوب كون النظام على نهج ما قدره في التقدير الأول، فلا يحدث فيه أمرا، ولا يزيد في الخلق شيئا، ولا يجوز التغيير والتبديل فيه بوجه من الوجوه.