أقول: واضح أنه تعالى عالم بكل ما يبدو له بعلمه المقدس المنزه عن الحد والتعين، وبعلمه الذي بذله إلى رسوله الأكرم وعين فيه ما يقع من النظام برأيه.
التوحيد، معاني الأخبار: عن الصادق (عليه السلام) أنه قال في قول الله عز وجل:
* (وقالت اليهود يد الله مغلولة) * لم يعنوا أنه هكذا، ولكنهم قالوا: قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص، فقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم: * (غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) * ألم تسمع الله عز وجل يقول: * (يمحو الله ما يشاء ويثبت) * - الآية (1).
كلمات المفسرين فيه (2).
تفسير علي بن إبراهيم: في هذه الآية قال: قالوا: قد فرغ الله من الأمر لا يحدث الله غير ما قدره في التقدير الأول فرد الله عليهم، فقال: * (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) * أي يقدم ويؤخر ويزيد وينقص، وله البداء والمشية (3).
تفسير العياشي: عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: * (وقالت اليهود) * قال، فقال: ليس كذا - وقال بيده إلى عنقه - ولكنه قال: قد فرغ من الأشياء. وفي رواية أخرى عنه قولهم: فرغ من الأمر.
تفسير العياشي: عن حماد، عنه في قول الله: * (يد الله مغلولة) * يعنون قد فرغ مما هو كائن - لعنوا بما قالوا - قال الله عز وجل: * (بل يداه مبسوطتان) * (4).
أقول: لعل اليدين كناية عن يد الفضل والإحسان والرحمة، ويد العدل والمؤاخذة والنقمة، يفعل ما يشاء ويرحم من يشاء كيف يشاء، ويؤاخذ من يشاء بما يشاء، يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء.