من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج ٣ - الصفحة ٨٠
قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: يعني بذلك الشفعة في الحيوان وحده فأما في غير الحيوان فالشفعة واجبة للشركاء وإن كانوا أكثر من اثنين، وتصديق ذلك ما رواه (1):
3378 - أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن سنان قال: " سألته عن مملوك بين شركاء أراد أحدهم بيع نصيبه، قال: يبيعه، قال قلت: فإنهما كانا اثنين، فأراد أحدهما بيع نصيبه فلما أقدم على البيع قال له شريكه: أعطني، قال:
هو أحق به، ثم قال عليه السلام: لا شفعة في حيوان إلا أن يكون الشريك فيه واحدا " (2).
3379 - وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل اشترى دارا برقيق ومتاع وبز وجوهر، فقال: ليس لأحد فيها شفعة " (3).
وإذا كانت دارا فيها دور وطريق أربابها في عرصة واحدة فباع أحدهم دارا منها من رجل وطلب صاحب الدار الأخرى الشفعة فإن له عليه الشفعة إذا لم يتهيأ

(١) قال الفاضل التفرشي: يمكن التوفيق بينه وبين ما سبق من جريان الشفعة مع تكثر الشركاء بأن يكون هذا على وجوب الشفعة أي وجوب دفع المشترى ما اشتراه إلى الشريك الواحد عند طلبه وحمل ما سبق على استحباب ذلك أي استحباب دفعه عند طلب الشركاء، وأما حمل المصنف ففي غاية البعد واستشهاده مبنى على اعتبار المفهوم في قوله عليه السلام " لا شفعة في حيوان " وهو غير حجة على ما تقرر في الأصول مع أنه من قبيل مفهوم اللقب.
(٢) مفهوم هذه الرواية ثبوت الشفعة في غير الحيوان إذا كان الشريك أكثر. ولا يخفى ضعف دلالة المفهوم مع تضمن الخبر ثبوت الشفعة في الحيوان وفى موثقة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " ليس في الحيوان شفعة " (التهذيب ج ٢ ص ١٦٣).
(٣) في المسالك: لا خلاف في ثبوت الشفعة على تقدير كون الثمن مثليا، واختلفوا فيما إذا كان قيميا فذهب جماعة منهم الشيخ في الخلاف مدعيا الاجماع والعلامة في المختلف إلى عدم ثبوت الشفعة حينئذ اقتصارا فيما خالف الأصل على موضع اليقين ولرواية علي بن رئاب عن الصادق عليه السلام وذهب الأكثر ومنهم الشيخ في غير الخلاف، والعلامة في غير المختلف إلى ثبوتها لعموم الأدلة ولان القيمة بمنزلة العوض المدفوع ولضعف مستند المنع سندا ودلالة أما الأول ففي طريقة الحسن بن سماعة وهو واقفي والعجب من دعوى العلامة في التحرير صحته مع ذلك، ودلالته على موضع النزاع ممنوعة، فان نفى الشفعة أعم من كونه بسبب كون الثمن قيميا أو غيره إذ لم يذكر أن في الدار شريكا فجاز نفى الشفعة لذلك عن الجار وغيره أو لكونها غير قابلة للقسمة أو لغير ذلك، وبالجملة فان المانع من الشفعة غير مذكور وأسباب المنع كثيرة فلا وجه لحمله على المتنازع فيه أصلا، والعجب مع ذلك من دعوى أنها نص في الباب مع أنها ليست ظاهرة فضلا عن النص - انتهى، أقول: تضعيفه - رحمه الله - السند لا وجه له لأنه مبنى على طريق الشيخ في التهذيب حيث رواه باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن ابن محبوب عن ابن رئاب وأما المصنف فطريقه إلى ابن محبوب في غاية الصحة حيث رواه عن شيخه محمد بن موسى بن المتوكل وهو ثقة جليل، عن عبد الله بن جعفر الحميري القمي وهو شيخ القميين ووجههم - وثقه الشيخ والنجاشي وغيرهما - أو عن سعد بن عبد الله القمي الأشعري وهو شيخ الطائفة وفقيهها ووجهها وثقه كلهم، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن سعد بن مالك الأشعري الذي هو من الاجلاء وكان شيخا وجيها فقيها غير مدافع وثقه النجاشي والشيخ والعلامة. والبز اما مطلق الثياب أو متاع البيت الثياب وغيره.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست