من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج ٣ - الصفحة ١٧٨
3672 - وروى أبو البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا سماع الأصم من غير ضجر صدقة هنيئة " (1).
3673 - وقال النبي صلى الله عليه وآله لرجل (2): " أصبحت صائما؟ قال: لا، قال:
فعدت مريضا؟ قال: لا، قال: فاتبعت جنازة؟ قال: لا، قال: فأطعمت مسكينا؟
قال: لا، قال: فارجع إلى أهلك فأصبهم فإنه منك عليهم صدقه " (3).
3674 - " وأتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام (4). فقال: يا أمير المؤمنين والله إني لأحبك، فقال له: ولكني أبغضك، قال: ولم؟ قال: لأنك تبغي في الاذان كسبا، وتأخذ على تعليم القرآن أجرا ".
3675 - وقال علي عليه السلام: " من أخذ على تعليم القرآن أجرا كان حظه يوم القيامة " (5)

(١) الضجر: السأمة والملال، والهنيئ يقال لما لا تعب فيه، كأن المراد ههنا أنها صدقة لا ينقص بها مال ولا بدن، (الوافي) (٢) مروى في الكافي مسندا عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله.
(٣) أهل الرجل عشيرته وأولاده وذوو قراباته، ومن المجاز زوجته كما صرح به في اللغة، ويحتمل قويا أن يكون المراد بالإصابة التقبيل قال ابن الأثير في النهاية " كان صلى الله عليه وآله يصيب من رأس بعض نسائه وهو صائم " أراد التقبيل. والغرض أنه لا ينبغي أن يخلو اليوم من صدقة أو فعل مندوب إليه ولو بادخال السرور في قلب العيال مع قصد القربة.
(٤) رواه الشيخ في الاستبصار ج ٣ ص ٦٥ وفى التهذيب باسناده عن الصفار، عن عبد الله ابن منبه، عن الحسين بن علوان، عن عمر وبن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام.
(5) قال استاذنا الشعراني - دام ظله العالي -: اعلم أن كثيرا من فقهائنا ذكروا أن الفقه وما يجب على المكلفين كالفاتحة والسورة وأذكار الصلاة وصيغ النكاح واجب ولا يجوز أخذ الأجرة عليه وكذلك تجهيز الميت والصلاة عليه، وهذا ان ثبت فبدليل خاص به إذا لا تنافي الوجوب أخذ الأجرة، ولا يبعد أن يكون قول أو عمل واجبا على رجل إذا أعطى الأجرة عليه كالطبيب ولا يكون واجبا مطلقا كما أنه يكون بيع مال كالطعام واجبا إذا أعطى ثمنه لا مطلقا، وفائدة الوجوب عدم القدرة على الامتناع مع الأجرة والثمن بخلاف غير الواجب من الافعال كبيع سائر الأمتعة فإنه لا يجب على البايع وان أعطى ثمنه وكتابة الاشعار وصياغة الحلى وهذا شئ معقول عرفا ثابت شرعا، نعم ان ثبت وجوب عمل مطلقا سواء أعطى الأجرة عليه أولا كصلاة الميت كان أعطاه الأجرة عليها سفها، ويمكن هنا عقلا تصور وجه آخر وهو أن يجب الفعل مطلقا سواء أعطى الأجرة أولا لكن يجاز للعامل أخذ الأجرة قهرا عن المعمول له وهذا شئ معقول متصور في العرف لا مانع عنه في الشرع ولعل أجرة الوصي والقيم من هذا القسم، وبالجملة فالوجوب من حيث هو وجوب لا ينافي جواز أخذ الأجرة، نعم كون الواجب تعبديا بقصد القربة مانع عن الأجرة وهذا جار في المستحب العبادي أيضا، ولكن المحقق الثاني نقل اجماع الأصحاب على منع الأجرة على أقسام الواجب، ولعله منصرف في كلامهم إلى التعبدي، وقد صرح فخر الدين في الايضاح بأنه يجوز أخذ الأجرة على الواجب الكفائي غير التعبدي، ولا يجوز على العيني والتعبدي وكذلك المحقق الثاني، فالاحتياط في الواجب العيني وان لم يكن تعبديا عدم أخذ الأجرة الا بالرضا والهبة، وكذلك في الواجب الكفائي ان تعين في واحد بعينه للانحصار إذ يجب على العامل قطعا هذا العمل، وتسلطه على اجبار المعمول له لاخذ الأجرة غير ثابت بدليل، مع أنه لا يجوز له الامتناع من العمل ان امتنع المولى له من الأجرة هذا إذا ثبت وجوب العمل مطلقا لا بشرط أخذ الأجرة، ولعل الصناعات المتوقفة عليها أمر المعاش من قبيل الثاني.
وربما يسأل عن الواجب النيابي وقصد القربة فيه وأنه كيف يجتمع مع الأجرة، والواجب أن الأجرة هنا بمنزلة الحوائج الدنيوية في صلاة الحاجة، فان المصلى يقصد التقرب بالعمل إلى الله إلى قضاء حاجاته كذلك الأجير للعبادة يقصد التقرب ويتوسل به إلى الأجرة، والثاني في طول الأول وفى كتاب المكاسب للشيخ المحقق الأنصاري - رحمه الله - تحقيقات أنيقة لا موضع لذكرها.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست