يسمى الإمام قاتلا إذا أقام حدا لله عز وجل على رجل فمات من ذلك، وإن ضرب الابن ضربا مسرفا لم يرثه (1) الأب وكانت عليه الكفارة، فإن كان بالابن جرح فبطه الأب فمات الابن من ذلك فإن هذا ليس بقاتل وهو يرثه ولا كفارة عليه ولا دية، لأن هذا بمنزلة الأدب والاستصلاح والحاجة من الولد إلى ذلك وإلى شبهه من المعالجات، ولو أن رجلا كان راكبا على دابة فوطئت أباه أو أخاه ثم مات من ذلك لم يرثه وكانت الدية على العاقلة والكفارة عليه، ولو كان يسوق الدابة أو يقودها فوطئت أباه أو أخاه فمات ورثه وكانت الدية على العاقلة للورثة ولم تلزمه كفارة، ولو أن رجلا حفر بئرا في غير حقه أو أخرج كنيفا أو ظلة فأصاب شئ منها وارثا فقتله لم تلزمه الكفارة وكانت الدية على العاقلة وورثه، لأن هذا ليس بقاتل، ألا ترى أنه إن فعل ذلك في حقه لم يكن بقاتل ولا وجب في ذلك دية ولا كفارة، فإخراجه ذلك الشئ في غير حقه ليس هو قتلا، لأن ذلك بعينه يكون في حقه فلا يكون قتلا، وإنما ألزم العاقلة الدية في ذلك احتياطا للدماء (2)، ولئلا يبطل دم امرئ مسلم، ولئلا يتعدى الناس حقوقهم إلى مالا حق لهم فيه، وكذلك الصبي إذا لم يدرك والمجنون لو قتلا لورثا وكانت الدية على عاقلتهما (3).
وقال ابن أبي عقيل: لا يرث عند آل الرسول - عليه السلام - القاتل من المال شيئا، لأنه إن قتل عمدا فقد أجمعوا على أنه لا يرث، وإن قتل خطأ كيف يرث وهو يؤخذ منه الدية؟! وإنما منع من (4) الميراث احتياطا لدماء المسلمين، لئلا يقتل أهل المواريث بعضهم بعضا طمعا في المواريث، وإذا اجتمعوا جميعا في الجملة إن القاتل لا يرث. ثم ادعى بعض الناس أنه عني بذلك العمد