رجل لا يشهد إلا بالحق إن شاء الله تعالى، فقال: أما بالزنا فلا أشهد، ولكني رأيت أمرا قبيحا، فقال عمر: الله أكبر وجلد الثلاثة، فلما جلد أبو بكرة قال:
اشهد أن المغيرة زنى، فهم عمر بجلده فقال له علي - عليه السلام -: إن جلدته فارجم صاحبك - يعني: ارجم المغيرة - فموضع الدلالة إن هذه قضية ظهرت واشتهرت ولم ينكر ذلك أحد، وقيل في تأويل قول علي - عليه السلام - لعمر: - إن جلدت أبا بكرة ثانيا فارجم صاحبك - تأويلان، أصحهما أن معناه إن كانت هذه شهادة غير (1) الأولى فقد كملت الشهادة أربعة فارجم صاحبك، يعني:
إنما أعاد ما شهد به فلا تجلده بإعادته (2). وقول الشيخ في المبسوط مشكل.
وابن الجنيد قال: لو شهد ثلاثة وتأخر الرابع إلى تصرم مجلس الحكم أو قدر ساعة صاروا كلهم بمعنى القذفة.
قال الشيخ في الخلاف: ومن قال: لا حد عليهم استدل بقوله تعالى:
" والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة " فأخبر أن القاذف من إذا لم يأت بأربعة شهداء فاجلدوهم، وليس هذا منهم، فإنه لا يحد إذا أتى بأقل منهم، وهو إذا شهد معه ثلاثة فكل من خرج من قذفه بأقل من أربعة شهود لم يكن قاذفا (3).
وصاحب الكامل قال: إذا لم يتم عدد الشهود كان شهد ثلاثة أو شهد واحد فهل يكونون قذفة يجب عليهم حد القذف؟ فيه قولان: أحدهما - وهو المنصوص المشهور - أنهم يحدون، وبه قال مالك وأبو حنيفة. والثاني: أنهم لا يحدون، لأنه أضاف الزنا إليه بلفظ الشهادة عند الحاكم فلم يجب عليه الحد،