للأنبياء كوسيلة للتحدي والتعجيز مما يرفضه الأنبياء، لأن مهمة النبي ليست هي إشغال نفسه بتنفيذ هذه الطلبات التي لا معنى لها بعد إقامة الحجة عليهم من قبله، بل تحدث عن أن ذلك لا يدخل في مهمته الرسالية، كما أنه لا يملك هذه القدرة باعتبار بشريته التي تختزن في داخلها الضعف البشري.
وإذا كان بعض الناس يتحدثون عن أن القائلين بالولاية التكوينية يؤكدون أن النبي لا يختزن في مضمون بشريته أية قدرة ذاتية، بل إن الله هو الذي يمنحه ذلك، فإننا نجيب أن النبي (ص) إنما كان يتحدث عن الواقع الفعلي الذي تمثله طاقته في دوره، فإن الله أعطاه الطاقة المرتبطة بحركية الرسالة في الناس، ولم يعطه الطاقة - حتى بإذنه - لمثل هذه الطلبات الصعبة.
وقد نستوحي من هذه الآيات ومن غيرها أن المعجزة الوحيدة للنبي هي القرآن الكريم، فلم يقم النبي بمعجزة أخرى كانشقاق القمر، بحيث لو كانت منه لكانت أكثر استجابة للتحدي الذي واجهه النبي (ص) من قبل المشركين، كما أنها أكثر صعوبة من هذه الإقتراحات، وقد تحدث المشركون عن هذه المسألة - وهي عدم قيام النبي محمد (صلى الله عليه وآله) بالمعجزة المماثلة لما قام به الأنبياء السابقون - وذلك في قوله تعالى: (وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه، قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ((الانعام: 37) وقوله تعالى: (ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه، إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ((الرعد: 7) فقد يظهر من هذه الآية، أن إنزال الآيات ليس أمرا ضروريا للنبوة إلا في حالات التحدي الكبير الذي يهدد حركتها في ساحة الصراع والمواجهة، ولذلك لم ينزل الله على النبي آية لأن التحدي لم يصل إلى هذه المرتبة الحاسمة، وقوله تعالى (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ((الاسراء: 59) وظاهرها نفي الإرسال بالآيات بالرغم من أنها كانت مطلبا ملحا للمشركين، كما جاء في آية أخرى في قوله تعالى:
(وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ((الانعام: 109) فإن المسألة لم تكن في مستوى الضرورة، ولم تكن في واقع الحاجة للمهمة الرسالية.
ونلتقي في آيات أخرى ببعض مظاهر الضعف البشري الفعلي للأنبياء، وذلك كما في قصة موسى الذي خرج من المدينة خائفا يترقب وكان يعيش الخوف من قتل فرعون وقومه له: (ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون ((الشعراء: 14)