والخوف في ساحة التحدي مع السحرة: (فأوجس في نفسه خيفة موسى * قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى ((طه: 68)، ونجد في قصة إبراهيم عندما دخل عليه الملائكة: (فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف ((الذاريات: 28).
ونلاحظ ذلك في خطاب الله للنبي محمد (ص) كيف يقدم نفسه للناس: (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحي إلي ((الانعام: 50)، وقد ورد هذا المضمون في سورة هود في آية: (ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا ((هود: 31)، فإن هذه الآية ظاهرة في تأكيد بشرية الرسول (ص)، وبأن كل ما لديه إنما هو من الله سبحانه وتعالى، يمنحه إياه بقدر حاجة الرسالة إليه في حركتها في الحياة، وثمة إشارة في الآية إلى أن الغيب الذي قد يعلمه الله للنبي إنما ينزل عليه بطريق الوحي، كما جاء التصريح به في آية أخرى: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ((آل عمران: 34)، وقد جاء به في قوله تعالى: (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون ((الأعراف: 188)، وهذه الآية تدل على نفي الفعلية في وجود الطاقة التي تدفع عن الانسان الشر، وتجلب له الخير، بحيث إنها تأتي تدريجا بمشيئة الله، لا بنحو خلق الطاقة في الكيان النبوي ليتحرك من خلالها إراديا، ويؤكد ذلك أنه يتحدث عن الواقع الذي كان يصيبه بسوء بمختلف ألوانه، أو يمنع منه الكثير من الخير، فكأنه يريد الإيحاء بأن ذلك لا يتصل بدوره لأن دوره البشارة والإنذار لقوم يؤمنون مما لا يحتاج فيه إلى علم الغيب إلا بما يرتبط بحركة الرسالة في تاريخ الرسالات في الأمم السابقة، وهذا مما يوحيه الله إليه في القرآن الكريم من أنباء الغيب، في التاريخ الذي لا يعلمه هو ولا قومه.
وقد ورد في بعض الآيات الحديث عن أن الله يظهر رسله على الغيب، وذلك هو قوله تعالى:
(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا * ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا ((الجن: 26 - 28)، فقد استند إليها القائلون بأن الله قد أعطى رسوله وأولياءه العلم بالغيب إما بطريق الفعلية الإستحضارية، وإما بطريق القوة، بمعنى أنه لو شاء أن يعلم لعلم.
وذكروا أن ظاهر الاستثناء في قوله تعالى: (إلا من ارتضى من رسول (هو الإطلاق