وكان يقول: صدقة الليل تطفئ غضب الرب وتنور القلب والقبر، وتكشف عن العبد ظلمة يوم القيامة. وقاسم الله تعالى ماله مرتين. وقال محمد بن إسحاق: كان ناس بالمدينة يعيشون لا يدرون من أين يعيشون ومن يعطيهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك فعرفوا أنه هو الذي كان يأتيهم في الليل بما يأتيهم به. ولما مات وجدوا في ظهره وأكتافه أثر حمل الجراب إلى بيوت الأرامل والمساكين في الليل. وقيل إنه كان يعول مائة أهل بيت بالمدينة). انتهى.
وبهذه الإنسانية كان يفهم الدين.. فقد سئل: لم فرض الله عز وجل الصوم؟ فأجاب: (ليجد الغني مس الجوع فيحن على الفقير). (أمالي الصدوق / 97).
* * عطوف رفيق بالحيوان.. قال الإمام الباقر (عليه السلام): (كان لعلي بن الحسين (عليه السلام) ناقة حج عليها اثنتين وعشرين حجة ما قرعها قرعة قط قال: فجاءت بعد موته وما شعرنا بها إلا وقد جاءني بعض خدمنا أو بعض الموالي فقال: إن الناقة قد خرجت (من مرعاها خارج المدينة) فأتت قبر علي بن الحسين (عليه السلام) فانبركت عليه فدلكت بجرانها القبر وهي ترغو! فقلت: أدركوها أدركوها وجيئوني بها قبل أن يعلموا بها أو يروها! قال: وما كانت رأت القبر قط). (الكافي: 1 / 467).
وقد أوصاه أبوه (عليهما السلام) بها: (فإذا نفقت فادفنها لا يأكل لحمها السباع فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج إلا جعله الله من نعم الجنة وبارك في نسله، فلما نفقت حفر لها أبو جعفر (عليه السلام) ودفنها). (ثواب الأعمال / 50).
لقد استوعب الإمام زين العابدين (عليه السلام) بشفافيته عالم قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم). (الأنعام: 38)، وهو الذي يقول: (ما بهمت البهائم عنه، فلم تبهم عن أربعة: معرفتها بالرب تبارك وتعالى، ومعرفتها بالموت، ومعرفتها بالأنثى من الذكر، ومعرفتها بالمرعى الخصب). (الخصال / 260).