فخرج من أهل مصر سبعمائة رجل فنزلوا المسجد وشكوا إلى أصحاب محمد (ص) في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي سرح بهم، فقام طلحة بن عبيد الله فكلم عثمان بن عفان بكلام شديد، وأرسلت عائشة إليه فقالت تقدم إليك أصحاب محمد (ص) وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت إلا واحدة، فهذا قد قتل منهم رجلا فأنصفهم من عاملك! ودخل عليه علي بن أبي طالب وكان متكلم القوم فقال إنما يسائلونك رجلا مكان رجل وقد ادعوا قبله دما فاعزله عنهم واقض بينهم، فإن وجب عليه حق فأنصفهم منه.
فقال لهم: اختاروا رجلا أوليه عليكم مكانه فأشار الناس عليه بمحمد بن أبي بكر فقال: استعمل عليه محمد بن أبي بكر فكتب عهده وولاه وخرج معهم عدد من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر وابن أبي سرح، فخرج محمد ومن معه فلما كان على مسيرة ثلاث من المدينة إذا هم بغلام أسود يخبط البعير خبطا كأنه رجل يطلب أو يطلب فقال له أصحاب محمد: ما قصتك وما شأنك هارب أو طالب؟ فقال لهم: أنا غلام أمير المؤمنين وجهني إلى عامل مصر فقال له رجل: هذا عامل مصر! قال: ليس هذا أريد! وأخبر بأمره محمد بن أبي بكر فبعث في طلبه رجلا فأخذه فجئ به فقال: غلام من أنت؟ فأقبل مرة يقول أنا غلام أمير المؤمنين ومرة يقول أنا غلام مروان حتى عرفه رجل أنه لعثمان، فقال له محمد: إلى من أرسلت؟ قال إلى عامل مصر، قال: بماذا؟ قال برسالة: قال: معك كتاب؟ قال: لا، ففتشوه فلم يجدوا معه كتابا وكانت معه إداوة قد يبست فيها شئ يتقلقل فحركوه ليخرج فلم يخرج فشقوا الإداوة فإذا فيها كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرح! فجمع محمد من كان عنده من المهاجرين والأنصار وغيرهم ثم فك الكتاب بمحضر منهم فإذا فيه: إذا أتاك فلان ومحمد وفلان