وهذه ملاحظات ضرورية على هذا الحديث المزعوم:
الأولى، أنه لا يمكن لعاقل أن يصدق حديث بنت ملحان وأمثالها وزعمها أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يزورها في بيتها فتطعمه وتفلي رأسه كابنها أو أخيها كأن رأس النبي (صلى الله عليه وآله) فيه قمل كرؤوس رجالهم! ثم ينام في بيتها قريبا منها وهي امرأة أرملة عزباء أو زوجة لأبي طلحة! ثم يرى في المنام رؤيا تتعلق بها، لم يروها أحد غيرها! فكل ذلك فيه إشكال وغرابة على سلوك النبي (صلى الله عليه وآله) مع امرأة أجنبية، بل على سلوك صحابي عادي يحترم نفسه! لكنك تجد عند الشراح الأمويين العجب العجاب من التخبط والكلام الركيك! فقد تبرع بعضهم وجعل بنت ملحان خالة النبي (صلى الله عليه وآله)! وتبرع آخر وقال إن تلك التصرفات المحرمة حلال للنبي (صلى الله عليه وآله)! وادعى النووي الإجماع على ما استنبطه من أحكام شرعية من الحديث! قال في شرح مسلم: 13 / 58: (فيه جواز فلي الرأس وقتل ما فيه.... وفيه جواز ملامسة المحرم في الرأس وغيره مما ليس بعورة، وجواز الخلوة بالمحرم والنوم عندها، وهذا كله مجمع عليه)! وقال ابن حجر في فتح الباري: 11 / 65: (وفيه جواز قائلة الضيف في غير بيته بشرطه كالإذن وأمن الفتنة، وجواز خدمة المرأة الأجنبية الضيف بإطعامه والتمهيد له ونحو ذلك... وفيه خدمة المرأة الضيف بتفلية رأسه، وقد أشكل هذا على جماعة فقال ابن عبد البر: أظن أن أم حرام أرضعت رسول الله (ص) أو أختها أم سليم فصارت كل منهما أمه أو خالته من الرضاعة فلذلك كان ينام عندها، وتنال منه ما يجوز للمحرم أن يناله من محارمه). انتهى. وأجابه ابن قدامة في المغني: 10 / 370: (ولم نر هذا عن أحد سواه! وأظنه إنما قال هذا لأن النبي كان ينام في بيتها وينظر إلى شعرها ولعل هذا كان قبل نزول الحجاب)!
وفي مواهب الجليل: 5 / 17: (ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام جواز خلوته