الوضعيات كالطهارة والنجاسة، فلو غسل المتنجس بما يعين طاهرين يعلم اجمالا، بان أحدهما ماء والاخر مضاف، طهر بلا اشكال.
وكذلك العقود والايقاعات فلو اتى بانشائات متعددة يعلم اجمالا بصحة أحدها يكفي في تحقق المنشأ وان لم يتميز عنده السبب المؤثر.
ولكن استشكل جمع من الفقهاء منهم الشيخ الأعظم الأنصاري، في الاحتياط في العقود والايقاعات، اما مطلقا كما عن جماعة منهم، أو في خصوص ما إذا كان التردد من ناحية الشروط المقومة، كالزوجية بالنسبة إلى الطلاق كما عن جماعة آخرين، واستندوا في ذلك إلى أنه مستلزم للاخلال بالجزم المعتبر في الانشاء: إذ الترديد ينافي الجزم، ولذا لا يصح التعليق في الانشاء، وعلى ذلك بنى الشهيد (ره) في محكى القواعد، الجزم ببطلان عقد النكاح، فيما لو زوج امرأة يشك في أنها محرمة عليه فظهر حلها، وكذلك لو خالع امرأة أو طلقها وهو شاك في زوجيتها فإنه باطل وان تبين كونها زوجة، وكذا لو ولى نائب الامام قاضيا لا يعلم أهليته وان ظهر كونه اهلا فإنه لا يصير قاضيا.
ولكن الاشكال المذكور لا يرجع إلى محصل وذلك لأنه في باب العقود والايقاعات أمور، أحدها الاعتبار النفساني من قبل المنشئ نفسه، الثاني السبب الذي يكون مظهرا لذلك الاعتبار النفساني، الثالث امضاء الشارع لذلك، والجزم انما يعتبر في الامر الأول، فلو كان المعتبر مرددا في اعتباره، ومعلقا إياه على امر مشكوك فيه كما لو قال وهبتك هذا المال ان كنت ابن زيد مثلا، أو ان جاء زيد، مع التردد فيه، لم يصح لأنه مردد في اعتباره ولا يدرى تحققه لفرض تعليقه على امر مشكوك الحصول، وهذا هو الترديد المنافى لقصد الانشاء جزما، اجماعا، واما موارد الاحتياط في العقود والايقاعات فلا ترديد في الانشاء بمعنى الاعتبار النفساني، من قبل المنشئ، بل هو جازم به، غاية الامر انه تردد في أن السبب الممضى هو هذا أو ذاك.
وعلى الجملة فالجزم المعتبر انما هو بمعنى عدم التردد في الاعتبار النفساني المبرز باللفظ، وهو متحقق في موارد الاحتياط في العقود والايقاعات التي هي محل الكلام، مثلا من ينشأ النكاح بجميع محتملاته جازم في ذلك الاعتبار النفساني، والتردد