اما القسم الأول: فهو ملحق بالعلم التفصيلي بناءا على ما هو الحق من أن المجعول في الامارة المعتبرة هو الطريقية والكاشفية، وان الحجة المعتبرة، علم بالتعبد، فعلى القول بعدم جواز الاحتياط مع التمكن من الامتثال العلمي التفصيلي لا بد من البناء على عدم جوازه مع التمكن من الامتثال الظني وعلى القول بجوازه يجوز في المقام أيضا.
نعم فرق بين العلم الوجداني والظن المعتبر، وهو انه مع العلم الوجداني لا مجال للاحتياط، لعدم احتمال الخلاف، وله مجال مع الظن المعتبر، فإنه لا ينافي مع الاحتمال الوجداني الذي هو الموضوع للاحتياط.
وعلى هذا وقع الكلام بين الاعلام في جوازه تقديم المحتمل على المظنون في صورة الاحتياط وعدمه، واختار المحقق النائيني (ره) الثاني، ونسبه إلى الشيخ الأعظم، والسيد الشيرازي (ره)، حيث إنه في مسألة دوران الامر بين القصر والتمام، لمن سافر إلى أربعة فراسخ، ولم يرد الرجوع في يومه، اختار الشيخ تقديم التمام على القصر واختار السيد تقديم القصر على التمام، قال (قده) ان منشأ ذلك الاختلاف فيما يظهر من الأدلة هل هو التمام أو القصر، بعد اتفاقهما على الكبرى الكلية، وهي وجوب تقديم المظنون على المحتمل، فالشيخ يرى أنه وجوب التمام فاختار تقديمه على القصر عند الاحتياط، واستظهر السيد منها وجوب القصر فاختار تقديمه على التمام.
وكيف كان فقد استدل له بوجهين، أحدهما ما افاده المحقق النائيني (ره)، وهو ان ذلك مبنى على تأخر مرتبة الامتثال الاجمالي عن الامتثال التفصيلي فإنه على هذا لو اتى، أولا بالمحتمل فحيث انه يحتمل سقوط الامر، فلا مناص له عن اتيان المظنون بداعي احتمال الامر، وهذا بخلاف ما لو اتى به قبل الاتيان بالمحتمل.
وفيه: مضافا إلى ضعف المبنى كما مر، انه لا يتم البناء أيضا: إذ الاتيان بالمظنون انما يكون بداعي الامر الجزمي التعبدي الثابت بالحجة المعتبرة قدم أو اخر، فإنه لو اتى بالمحتمل أو لا يكون مقتضى الأدلة الخاصة بقاء الامر، فلا فرق بين التقديم والتأخير.
ثانيهما: ما ذكره الشيخ الأعظم (قده) - وحاصله - انه لو اتى بما قامت الحجة المعتبرة عليه، أولا فيأتي به مع قصد الوجه، وهذا بخلاف ما لو قدم المحتمل، فإنه