التقصي في المقام، وعلى الجملة المقتضى للاذن موجود، وهو الشك في كل مورد والمانع مفقود لما يجمع به بين الحكم الظاهري والواقعي.
أقول يرد عليه أمران. الأول: انه في الشبهات البدوية، انما يلتزم بجواز الاذن وجعل الحكم الظاهري: نظرا إلى الحكم الواقعي، حيث لا يكون واصلا فلا يلزم العقل بلزوم اتباعه، وحرمة مخالفته، ومثل هذا الحكم لا يكون مضادا مع الحكم الظاهري، واما في المقام فالمفروض وصول الحكم الواقعي، وحكم العقل بوجوب اتباعه، وحرمة مخالفته، وهذا لا يلائم مع الحكم الظاهري، واما في الشبهات غير المحصورة فيجئ في محلة انشاء الله تعالى ان القدر المتيقن من موردها، ما إذا لم يكن العلم الاجمالي منجزا اما لخروج بعض أطرافه عن محل الابتلاء، أو لغير ذلك من موانع التكليف، واما ما افاده (قده) في وجه الجمع من عدم كون الحكم الواقعي فعليا من جميع الجهات مع عدم العلم به تفصيلا، وعليه التزم في المقام بامكان جعل الترخيص في كل من الأطراف فيجئ في محله انه غير معقول لابتنائه على دخالة العلم في فعلية الحكم مع عدم اخذه في مقام الجعل.
الثاني: ان المحذور ليس منحصرا في المناقضة كي يتم ما ذكره (ره) بل في المقام محذور آخر، وهو لزوم الترخيص في المعصية والاذن في الظلم.
توضيح ذلك يتوقف على بيان أمور. الأول: انه قد تقدم في مبحث التجري، من أن ملاك استحقاق العقاب، هو الظلم على المولى، وعرفت أيضا انه انما يتحقق فيما لو وصل تكليف المولى. الثاني: ان الحاكم، بذلك هو العقل، لا الشرع. الثالث: ان محل الكلام هو ما لو تعلق العلم بالتكليف الفعلي والا فالعلم التفصيلي لا يوجب تنجزه فضلا عن العلم الاجمالي. الرابع: ان العناوين القبيحة ذاتا لا من باب انطباق عنوان آخر عليه كالظلم، لا يمكن ان يطرأ عليه ما يرفع قبحه. الخامس: انه لا فرق في حكم العقل بان مخالفة التكليف ظلم بين كونه واصلا بالعلم التفصيلي أو الاجمالي.
إذا عرفت هذه المقدمات تعرف ان العلم الاجمالي بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية، انما يكون بنحو العلية، ولا يعقل ثبوتا الترخيص في كلا الطرفين لأنه مستلزم