وأورد عليه الأستاذ الأعظم بما حاصله ان وجه كون الامر بالإطاعة ارشاديا ليس مجرد وقوعه في مرحة الامتثال، بل الوجه ان الامر المولوي ولو لم يكن متناهيا لا يكون محركا للعبد، ما لم يكن له الزام من ناحية العقل، فلا بد وان ينتهى الامر المولوي في مقام المحركية إلى الزام من العقل، فلا مناص من جعل الامر الوارد في مورده ارشادا إلى ذلك، وهذا بخلاف الامر بالاحتياط، إذ العقل بما انه لا يستقل بلزوم الاحتياط، فلا مانع من أن يأمر به المولى مولويا حرصا على ادراك الواقع.
أقول، قد مر في أول هذا الجزء ما في هذه الكلمات، وعرفت ان وجه كون الامر بالإطاعة ارشاديا ارتباط الموضوع بنفسه بالمولى، وان كلما يترقب من الآثار للحكم المولوي، من الثواب على الموافقة والعقاب على المخالفة، والتقرب باتيان المأمور به إلى الله تعالى، تكون مرتبة على الموضوع، فلا يترتب على الامر بالإطاعة اثر فيكون لغوا، وهذا البرهان في بادي النظر جار في المقام، فلا يكون امره مولويا.
نعم يمكن تصوير كونه مولويا بالتقريب الذي افاده المحقق النائيني (ره) في آخر كلامه، قال إنه يمكن ان لا يكون الامر بالاحتياط ناشئا عن مصلحة ادراك الواقع، بل يكون ناشئا عن مصلحة في نفس الاحتياط كحصول قوة للنفس باعثة على ترك المعاصي وعلى الطاعات وحصول التقوى للانسان، والى هذا المعنى أشار (ع) بقوله من ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له اترك، فيكون الامر بالاحتياط بهذا الملاك، وهو ملاك واقع في سلسلة علل الأحكام فيكون الامر الناشئ عنه مولويا.
ثم إن الشيخ الأعظم بعد اختياره عدم امكان الاحتياط في العبادات بلحاظ الأوامر المتعلقة بها على ما ستعرف في المورد الثالث.
أفاد انه يمكن تصحيح الاحتياط في العبادات بالامر بالاحتياط في الاخبار، بدعوى ان ذلك الامر مولوي نفسي، ومتعلق بذات الفعل العبادي ولا يكون في طول الامر الواقعي، فالمكلف يأتي بالعمل الذي يحتمل كونه مأمورا به بالامر التعبدي، بداعي ذلك الامر الجزمي بالاحتياط، وهذا يكفي في العبادية.
وتوضيح ذلك انما يكون ببيان أمور 1 - ان الامر ليس على قسمين، تعبدي،