وتوصلي، بل الفرق بين القسمين، انما يكون في المتعلق، حيث إنه ربما يؤخذ في المتعلق قصد القربة فالواجب تعبدي، وربما لا يؤخذ فيه ذلك فالواجب توصلي، ومعنى الاحتياط في جميع الموارد واحد، وهو اتيان المتعلق بجميع ما يعتبر فيه 2 - انه قد تقدم ان المأخوذ في المتعلق في التعبديات، هو إضافة الفعل إلى المولى بأي إضافة كانت، ولا يعتبر فيها الإضافة إليه بقصد امره المعين، فلو كان عمل عبادة وصالحا للاستناد إلى الله تعالى، واضافه العبد إليه في مقام العمل من غير قصد امره، بل تخيل وجود امر آخر وإضافة إليه بتلك الإضافة صح ووقع عبادة. 3 - ان الامر بالاحتياط في العبادات متعلق بذات الفعل المضاف إلى المولى سبحانه.
إذا تبين هذه الأمور، يظهر انه لو اتى بعمل خاص يحتمل كونه مأمورا به، بداعي الامر الاحتياطي الاستحبابي فقد تحقق الاحتياط، فإنه على الفرض اتى بالعمل مضافا إلى الله تعالى، فحال الامر الاحتياطي، حال الامر النذري، فكما انه لو نذر ان يصلى صلاة الليل، وغفل عن أمرها النفسي وقصد الامر النذري في صلاته، لا اشكال في سقوط الامر بصلاة الليل وامتثاله، للاتيان بها مضافا إلى الله تعالى فكذلك في المقام.
وهذا الوجه متين، اما على القول بعدم امكان الاحتياط في العبادة بلحاظ أمرها الواقعي على فرض وجوده، فواضح، واما بناءا على المختار من امكانه كما ستعرف، فلما مر نقله من المحقق النائيني (ره) من أن الامر بالاحتياط يمكن ان يكون مولويا، وحيث إن ظاهر الامر كونه مولويا، فيؤخذ بما هو ظاهر الاخبار من كون الاحتياط مستحبا نفسيا.
ويترتب عليه، انه يتجه الفتوى باستحباب العمل الذي يحتمل كونه مأمورا به بالامر الواقعي، وان لم يعلم المقلد كون ذلك الفعل مما شك في كونها عبادة، ولم يأت به بداعي احتمال المطلوبية، بل قصد الامر الجزمي.
واما المورد الثالث: وهو امكان الاحتياط في العبادات بلا احتياج إلى امر آخر، وعدمه، فقد قوى جماعة منهم الشيخ الأعظم (ره) العدم، وعللوه، بتوقف العبادة على قصد القربة، المتوقف على العلم بالامر، إذ مع الجهل به لو اتى بها بقصد الامر فهو تشريع محرم، ولو اتى بها بدون قصد الامر، فلم يأت بالمأمور به قطعا.