منها آثار خاصة كما ستعرف فالكلام يقع في موارد.
الأول: في الخطأ والنسيان وقبل الشروع في البحث فيهما ينبغي ان يعلم أن النسيان عبارة عن الذهول وانمحاء صورة الشئ عن صفحة الذهن في مقابل الحفظ، ولازم ذلك ترك الفعل، واما اتيان شئ آخر مكان المنسى، فهو لا يستند إلى النسيان، إذ لا يعقل ان يكون ذهول شئ عن الذهن وانعدامه علة باعثة لايجاد شئ آخر كيف ومن مبادئ وجود الشئ حضوره عند النفس، بل وجود شئ آخر مانه مستند إلى ارادته بما لها من المبادئ، مثلا لو نسى خمرية مايع، وتخيل انه ماء فشربه، نسيان الخمرية لا يصير علة لشربه، بل العلة له إرادة شرب الماء.
فعلى هذا يختص النسيان بالواجبات بان يتعلق النسيان بها فيتركها، ولا مورد له في المحرمات إذ ارتكاب المحرم لا يمكن بسبب النسيان، واما الخطاء فهو عبارة عن ايجاد شئ مع عدم تعلق القصد به بان يكون القصد متعلقا بايجاد شئ ويقع شئ آخر وهو على قسمين شبه العمد والخطاء المحض، والأول عبارة عما لو اتى بفعل وقصد عنوانا وتحقق شئ آخر، كما لو ضرب زيدا بقصد التأديب فمات، ولم يكن يحتمل ان يموت، والثاني عبارة عما لو قصد فعلا ولم يتحقق ذلك، ووقع فعل آخر كما لو قصد رمى صيد فأصاب انسانا وقتله، وكلا القسمين يختصان بالمحرمات ولا مورد لهما في الواجبات الا في التكليف الضمني بايجاد المانع خطاءا.
ثم إن المنة في رفعهما مع أن ترك الواجب وفعل الحرام في موردهما خارجان عن سوء اختيار المكلف، ولا مقتضى للوضع، انما هو من جهة مقدورية المقدمة وهي التحفظ، وعلى ما ذكرناه ما افاده المحقق النائيني (ره)، فيما لو نسى الصلاة في تمام الفوت من أنه لو نسيها بما انه لم يصدر منه امر وجودي قابل للرفع فلا يشمله الحديث.
يرد عليه مضافا إلى ما سنذكره، ان النسيان تعلق بالصلاة فتركها فالمنسي هو الصلاة فيرتفع وجوبها.
وكيف كان فالكلام في المورد الأول، وهو الخطاء والنسيان يقع في مقامين.
أحدهما: في الأحكام التكليفية. ثانيهما: في الأحكام الوضعية.