فالمتعين هو الاحتمال الثالث، أي إرادة الجامع بين الحكم والفعل، وتقريبه ان لفظة (ما) من الموصولات وموضوعة لمفهوم جامع بين جميع الأشياء نظير لفظ الشئ المنطبق، على الفعل تارة، وعلى الحكم أخرى، ومقتضى الاطلاق إرادة ذلك، فان عدم امكان إرادة غير الفعل من لفظة ما في ساير الجمل لا ينافي ارادته منها في هذه الجملة.
فان قلت إنه من ارادتهما معا يلزم الجمع بين الاسناد الحقيقي والمجازي، حيث إن اسناد الرفع إلى الفعل اسناد مجازي إذ المرفوع في الحقيقة حكمه، والى الحكم حقيقي ولو كان المراد من الموصول هو الأعم لزم اجتماع اسنادين وهو غير معقول، أجبنا عنه بما تقدم مفصلا فراجع، وعليه فالحديث يشمل الشبهة الحكمية، والموضوعية معا.
ثم إن بعض الأعاظم أفاد انه يمكن بشمول الحديث لكلتا الشبهتين، مع فرض كون المراد من الموصول هو فعل المكلف، بان يقال ان المراد هو الفعل بما انه متعلق التكليف فحينئذ الشك فيه كما يمكن ان يكون باعتبار الجهل بعنوانه الذاتي، يمكن ان يكون باعتبار الشك في حكمه مثلا، شرب المايع الخارجي قد يكون مجهولا بعنوانه الذاتي، وهو كونه شرب الخمر الملازم للجهل بحكمه، وقد يكون عنوانه الذاتي معلوما، والجهل، انما يكون في وصفه العرضي وهو الحرمة فهو بكل اعتبار تعلق به الجهل مرفوع.
وفيه: ان العنوان الذي يحتمل كونه مرادا من الموصول ان اخذ مرآة إلى المتصف به وهو الذات إلى فعل المكلف، رجع ذلك إلى إرادة الفعل منها، وان اخذ في الموضوع باعتبار نفسه رجع إلى إرادة الحكم منها، وان اخذ باعتبار كليهما رجع إلى ما اخترناه.
الجهة الثالثة: في شمول الحديث للأحكام الضمنية والكلام في هذه الجهة موكول إلى مبحث الأقل والأكثر الارتباطيين وسيظهر لك جريان البراءة فيها.
الجهة الرابعة: الظاهر اختصاص الحديث بالأحكام التكليفية وعدم جريانها في الوضعيات إذ لو لم يعلم سببية معاملة خاصة وامضائها شرعا كان مورد الأصالة الفساد