وفيه: مضافا إلى ما مر من عدم تقديرها، وان المرفوع هو نفس ما لا يعلم أريد به الحكم أو الفعل، لان الرفع تشرعي لا تكويني: انه قد مر ان المؤاخذة لا تقدر بنفسها فإنها من الآثار العقلية، بل المرفوع منشاها، وهو وجوب الاحتياط، وعرفت انه من مقتضيات الحكم، لا الفعل فهذا الوجه لو تم لاقتضى إرادة الحكم من الموصول لا الفعل.
خامسها: ما افاده المحقق الخراساني في التعليقة وحاصله ان اسناد الرفع إلى الحكم حقيقي، والى الفعل مجازي لكونه اسنادا إلى غير ما هو له، إذ لا معنى لرفع الفعل، فالمرفوع حكمه، فلو أريد من الموصول الفعل كان الاسناد في جميع الفقرات مجازيا لإرادة الفعل من الموصول فيها قطعا ولو أريد منه الحكم كان الاسناد بالإضافة إليه حقيقيا وبالإضافة إلى ساير الجمل مجازيا، وحيث إن الرفع في الحديث أسند إلى المجموع، باسناد واحد لزم ان يكون حقيقيا أو مجازيا، ولا يعقل ان يكون بالنسبة إلى بعضها حقيقيا وبالنسبة إلى بعض آخر مجازيا، وحيث انه بالنسبة إلى ساير الفقرات يكون مجازيا فلا بد وان يراد من الموصول في هذه الفقرة، الفعل ليكون بالنسبة إليها أيضا مجازيا.
وفيه: أولا ان منشأ هذا التوهم هو الخلط بين الرفع التكويني والتشريعي، حيث إنه لا يصح رفع الفعل تكوينا فلو أسند الرفع إلى الفعل لا محالة يكون المرفوع في الحقيقة هو حكمه، ولكن الرفع التشريعي الذي هو المراد من الحديث فتعلقه بالفعل واخراجه عن عالم التشريع ممكن حقيقة.
توضيح ذلك أن الصفات التعلقية كالشوق والحب، وكذلك الاعتباريات لا يعقل ان تتحقق الا مضافة إلى الماهيات وتلك الماهيات تتحقق بنفس تحقق هذه الأمور نظير تحقق الماهية بالوجود الخارجي والذهني، فوجودها انما يكون بوجود هذه واعدامها باعدام هذه نظير اعدام الماهية في الخارج، فإنه انما يكون باعدام الوجود، وعلى الجملة الرفع التشريعي نسب إلى الفعل حقيقة كما ينسب إلى الحكم كذلك فإنه عبارة عن عدم جعل الفعل متعلقا للاعتبار التشريعي، نظير لا صيام في السفر، ولا ربا بين الوالد والوالد وما شاكل، فالاسناد بالنسبة إلى جميع الفقرات حقيقي، وان أريد بالموصول الفعل.