في جميع أمورهم، ولذا استدل به المتكلمون على وجوب شكر المنعم، الذي هو الأساس لوجوب معرفة الله تعالى، واستدلوا به أيضا لوجوب النظر إلى معجزة النبي (ص) وثانيا ان ملاك وجوب دفع الضرر المظنون، ليس هو التحسين والتقبيح العقليين، بل ملاكه كون الضرر منافرا للطبع، والفرار من ما ينافر الطبع مما يستقل به العقل، وملاك التحسين والتقبيح العقليين، كون بعض الأفعال على وجه يحسن فاعله ويمدح عليه، وبعضها الاخر على نحو يقبح عليه ويذم، ولا ربط لأحدهما بالآخر ولذلك اتفق العقلاء على لزوم دفع الضرر المظنون، مع خلافهم في استقلاله بالتحسين والتقبيح.
واما ما أجاب به الشيخ الأعظم من أن تحريم تعريض النفس للمهالك والمضار الدنيوية والأخروية مما دل عليه الكتاب والسنة مثل قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وغيره.
فهو غريب لان، ما يحذر عن العقوبة الأخروية، لا يوجب الحكم الشرعي، ولذلك اتفقوا على أن أوامر الإطاعة ارشادية لا مولوية، وما يحذر عن الوقوع في المضار الدنيوية لم نعثر عليه والآيات المشار إليها كلها من قبيل الأول - أضف إليه - ان التمسك بتلك الأدلة مع عدم احراز الموضوع، لهم يظهر وجهه مع أنه يخرج عن الدليل العقلي والكلام انما هو فيه.
ثانيها: ما عن الشيخ في العدة والسيد في الغنية من أن الحكم المذكور مختص بالأمور الدنيوية فلا يجرى في الأخروية مثل العقاب، وأورد عليه بان المضار الأخروية أعظم، ويمكن ان يقال ان مراد هؤلاء، ان وجوب دفع الضرر المظنون بالوجوب المولوي النفسي الذي يراد استكشافه من حكم العقل بلزوم دفع الضرر المظنون يختص بالمضار الدنيوية: إذ حكم العقل بلزوم دفع العقاب المظنون لا يكون، الا حكما ارشاديا لوقوعه في سلسلة معاليل الأحكام، بخلاف وجوب دفع الضرر الدنيوي، فإنه يمكن ان يكون مولويا لوقوعه في سلسلة علل الأحكام.
ويمكن ان يكون مرادهم ان الضرر الأخروي قسمان: عقاب، وغير عقاب.
والأول: مأمون ما لم ينصب الشارع دليلا على التكليف به، بخلاف الضرر الدنيوي التابع