للمصالح في نفس الجعل.
وأورد عليه المحقق النائيني (ره) بأنه لو كانت المصلحة في نفس الامر والجعل، كان اللازم حصولها بمجرد الامر، ولم يبق موقع للامتثال.
وفيه: ان لزوم الامتثال غير مربوط بالمصلحة والمفسدة، بل يجب الامتثال حتى بناءا على مسلك الأشعري القائل بجواز جعل الأحكام جزافا، لأنه انما يجب لكونه مما يقتضيه قانون العبودية والمولوية.
فالحق في الجواب عنه ان هذا في نفسه وان كان ممكنا، الا انه يرده النصوص والروايات الواردة في علل الشرائع المتضمنة لبيان المصالح والمفاسد للأحكام.
ثم إن المصالح والمفاسد ربما تكون شخصية كمصلحة الصوم ومفسدة شرب المسكر ونحوهما وربما تكون نوعية كمصالح الواجبات النظامية، ومفاسدا كل مال الغير وقتل النفس المتحرمة وغيرهما.
الامر الثاني: ان للعقل حكمين في باب الإطاعة والعصيان. أحدهما: انه يجب على المولى انزال الكتب وارسال للرسل وبيان الأحكام وجعلها في معرض الوصول إلى العبد، وان لا يعاقب على المخالفة بدون ذلك. ثانيهما: انه يجب على العبد الفحص عن تكاليف المولى في مظان وجودها، ويترتب على ذلك أنه لو خالف العبد التكليف الواقعي، فان كان ذلك لقصور من ناحية المولى، لا يصح له عقاب العبد، ويعبر عن هذا بقبح العقاب من غير بيان، فلو تفحص العبد ولم يصل إليه التكليف من جهة هذا الحكم العقلي يقطع بعدم العقاب، وان كان لقصور من ناحية العبد، بان لم يفتحص عنه، صح عقابه على مخالفة التكليف، وكان قبل الفحص موردا لقاعدة، وجوب دفع الضرر المحتمل، الشامل للمظنون، والموهوم، فبذلك يظهر انه لا يعقل ورود القاعدتين في مورد واحد.
فما احتمله الشيخ الأعظم، من أنه لو ظن بالتكليف، لا تجرى قاعدة قبح العقاب بلا بيان، وان العقل لا يستقل بعدم العقاب، فلا محالة يحتمل العقاب، فيكون موردا لقاعدة وجوب الدفع.