وقد استدل للأول بان العمومات والمطلقات حجج لا يرفع اليد عنها الا بحجة أقوى ومع عدم حجية الخبر كيف رفع اليد عنها.
واستدل للثاني بان مقتضى أصالة الظهور الجارية في الاخبار الصادرة المعلومة بالاجمال هو خروج العمومات المثبتة والنافية عن الحجية، لانتهاء الامر فيها إلى العلم الاجمالي بإرادة خلاف الظاهر في بعض تلك العمومات والمطلقات من المثبت والنافي ولازمه بعد عدم المرجح هو اجراء حكم التخصيص والتقييد عليها، لسقوطها بذلك عن الاعتبار.
وحق القول في المقام هو التفصيل بين الصور، لأنه تارة يكون مفاد العام أو المطلق حكما الزاميا، كقوله تعالى " وحرم الربوا " (1) ومفاد الخبر حكما غير الزامي كقول أمير المؤمنين عليه السلام ليس بين الرجل وولده ربا وليس بين السيد وعبده ربا (2) وأخرى يكون عكس ذلك فيكون مفاد العام أو المطلق حكما غير الزامي كقوله تعالى " أحل الله البيع " (3) ومفاد الخبر حكما الزاميا كالنبوي المشهور نهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع الغرر (4).
اما في الصورة الأولى فالصحيح هو ما افاده الشيخ وتابعوه، إذ العلم الاجمالي بورود التخصيص على العام، والعلم الاجمالي بعدم إرادة أصالة العموم، في بعض تلك العمومات لا يمنع من جريانها لعدم لزوم المخالفة العملية من جريانها، - وبعبارة أخرى - لا اثر للعلم الاجمالي إذا لم يكن متعلقه حكما الزاميا.
واما في الصورة الثانية فالصحيح ما افاده المحقق العراقي (ره) لما أشار إليه من العلم الاجمالي الذي متعلقه حكم الزامي، - وبعبارة أخرى - يلزم من جريان الأصول اللفظية في جميع الموارد، العلم بمخالفة التكليف الواصل بالعلم وجريانها في بعض الموارد دون بعض ترجيح بلا مرجح فلا يجرى الأصل اللفظي في شئ من الموارد.