واما في المورد الثاني: وهو معارضة الخبر مع الأصول العملية، فملخص القول فيه، ان الخبر، اما ان يكون مثبتا للتكليف كما لو دل الخبر على وجوب السورة في الصلاة، أو يكون نافيا له كما لو دل الخبر على عدم وجوب صلاة الجمعة في زمان الغيبة، والأصل قد يكون نافيا كاصالة البراءة، وقد يكون مثبتا كقاعدة الاشتغال، واستصحاب بقاء التكليف كنجاسة الماء المتغير الزايل تغيره من قبل نفسه.
فان كان الخبر مثبتا للتكليف يعمل به كان الأصل مثبتا له أو نافيا كما هو واضح، وكذلك يعمل به لو كان نافيا له وكان الأصل أيضا كذلك أي نافيا.
وأما إذا كان الخبر نافيا، والأصل مثبتا له، وكان الأصل هو قاعدة الاشتغال، كما لو علم اجمالا بوجوب الظهر أو الجمعة، ودل الخبر على عدم وجوب الجمعة في زمان الغيبة، لا اشكال في أنه لا يعمل بالخبر في هذا المورد الذي يقتضى العلم الاجمالي لزوم الاتيان بالجمعة بعد كون الوجه المتقدم مقتضيا للاتيان بما أدى إليه الخبر من باب الاحتياط لا الحجية، فإنه لا اقتضاء له مع كون الخبر نافيا، والمقتضى لا يعارض مع ما لا اقتضاء له.
واما لو فرضنا كون الأصل المثبت هو الاستصحاب فان لم يبلغ حدا يعلم اجمالا بمخالفة بعضها للواقع فكذلك أي لا بد من العمل بالاستصحاب وان بلغ إلى هذا الحد، فجريان الاستصحاب، ومنعه عن العمل بالخبر، يبتنيان على القول بجريان الاستصحاب في أطراف العلم الاجمالي مع عدم لزوم المخالفة العملية كما هو الأظهر، واما على القول بعدم جريانه في أطراف العلم الاجمالي كما اختاره الشيخ الأعظم (ره) والمحقق النائيني (ره) فلا يجرى الاستصحاب، ويعمل بالخبر حينئذ كما لا يخفى.
الوجه الثاني: ما ذكره صاحب الوافية (ره) لحجية الاخبار الموجودة في الكتب المعتمدة للشيعة مع عمل جمع به، من غير رد ظاهر - وحاصله - انه لا ريب في حدوث التكليف بعدة أمور سيما بالأصول الضرورية كالصلاة والحج ونحوهما، وبقاء ذلك إلى يوم القيامة وحيث إن أغلب اجزائها وشرائطها وموانعها انما تثبت بالخبر غير القطعي الصدور بحيث لو لم يعمل به خرج حقائق هذه الأمور عن كونها هذه الأمور، فلا مناص