الثاني: الذي يكون دائرته أوسع من دائرة العلم الاجمالي الأول، ولا يكون ذلك العلم الاجمالي منحلا بالعلم الاجمالي الصغير إذ الميزان في تشخيص الانحلال وعدمه هو ان يفرز من أطراف العلم الاجمالي الصغير بالمقدار المتيقن، فان بقى علم اجمالي بوجود الأحكام في بقية أطراف الشبهة من ساير الأخبار، والامارات يكشف ذلك عن عدم الانحلال، وان لم يبق العلم الاجمالي لا محالة يكون منحلا، ويحث انه في المقام لا ريب في انا لو فرزنا قدرا من الاخبار لا يزيد عن المعلوم بالاجمال، من الأحكام في ما بين الاخبار من الأحكام، لا ريب في بقاء العلم الاجمالي بوجود احكام فيما بين بقية الاخبار وساير الأمارات الظنية، فلا مناص عند عدم الانحلال.
ولا يكفي في الجواب عن ذلك مجرد دعوى الانحلال، وعدم بقاء العلم الاجمالي كما في الكفاية وتبعه الأستاذ الأعظم فان انكار بقائه مكابرة.
فالحق في الجواب ان يقال ان العلم الاجمالي وان كان باقيا الا ان الذي يفيد، لعدم الانحلال هو كون المعلوم بالاجمال وجوده من الأحكام في مجموع الاخبار وساير الامارات، غير المعلوم بالاجمال وجودها في الاخبار المروية في الكتب المعتبرة، وهذا انما يكون مع عدم احتمال اتحاد مؤديات ساير الامارات مع الاخبار المفروزة، أو المفروز منها، وحيث انه لاعلم بوجود احكام غير ما في الاخبار المروية في الكتب المعتبرة من الأحكام فلا محالة يكون العلم الاجمالي الكبير منحلا بالعلم الاجمالي الصغير والشك البدوي في ساير الامارات.
بقى الكلام في أن مقتضى هذا الوجه، هل هو حجية الخبر بنحو يقيد به المطلق، ويخصص به العام، وبه يرفع اليد عن الأصول العملية، أم ليس الا وجوب العمل بالاخبار المثبتة فقط. والكلام في هذا المقام يقع في موردين - الأول - في معارضة الخبر مع الأصول اللفظية. الثاني: في معارضته مع الأصول العملية.
اما المورد الأول: فظاهر الشيخ الأعظم، والمحقق الخراساني، وصريح المحقق الأصفهاني، عدم تقديمه على العمومات والمطلقات، والمنسوب إلى المحقق العراقي (ره) هو العمل به في مقابلها وتقديمه عليها.