ولذلك ترى ان الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم يعتبرون في الراوي، والشاهد الضبط، وليس ذلك لأجل دليل خاص مخرج لخبر غير الضابط عن تحت أدلة حجية الخبر الواحد بل انما يكون لأجل عدم المقتضى لها لاحتمال الخطاء، والآية لا نظر لها إلى عدم الاعتناء به، ولا بناء من العقلاء على عدمه.
وكذلك لو كان المخبر عن حدسيا، فان الآية لا نظر فيها إليه، وبناء العقلاء ليس على تصويبه، فلا يكون الخبر حينئذ حجة.
نعم إذا كان المخبر عنه حدسيا، وكان المنقول إليه جازما بإصابة الحدس على تقدير تحقق المنشأ يكون الخبر حجة، لان عدم ثبوت المخبر عنه لا بد وان يستند اما إلى الخطاء في الحدس، والمفروض الجزم بعدمه وكونه مصيبا، أو إلى عدم تحقق المنشأ، واحتمال تعمد الكذب، فالآية وبناء العقلاء تدلان على عدم الاعتناء به فلا محالة يثبت المخبر عنه هذا كله فيما يدل عليه أدلة حجية خبر الواحد.
وبه يظهر في نقل الاجماع توضيحه، ان الناقل ربما ينقل المسبب، وهو رأى المعصوم (ع) وربما ينقل السبب، وهو فتاوى الفقهاء.
فان نقل المسبب فان علم أنه ينقله عن حس كما في العلماء في عصر الحضور، فهو حجة.
وان أحرز ان المخبر عنه حدسي كما في العلماء في هذا العصر، فان كان المنقول إليه يرى سببية ما يراه الناقل سببا لاستكشاف رأى المعصوم (ع) فنقله حجة والا فلا.
فتفصيل المحقق الخراساني بين ما إذا كان السبب تاما في نظر المنقول إليه، وبين ما إذا لم يكن كذلك والبناء على الحجية في الأول خاصة، مع اشتراكهما في كونه اخبارا عن المسبب بالالتزام، وعن السبب بالمطابقة، هو الصحيح ولا يرد عليه شئ مما أورد عليه.
وان لم يحرز كونه حدسيا أو حسيا، فان لم يكن امارة ظنية على كونه حدسيا فهو حجة، لبناء العقلاء عليه، من جهة الكاشفية النوعية عن الواقع، إذ ظاهر حال العاقل في دعوى الجزم بشئ كونه مستندا إلى سبب عادى متعارف، نعم مع الامارة على كونه حدسيا لأبناء من العقلاء على كونه حسيا لعدم الكاشفية المشار إليها.