لم يترك شيئا من صنوف الأموال الا وقد قسمه فأعطى كل ذي حق حقه الخاصة والعامة والفقراء والمسكين وكل صنف من صنوف الناس فقال لو عدل في الناس لاستغنوا ثم قال إن العدل أحلى من العسل ولا يعدل الا من يحسن العدل قال وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقات البوادي وصدقات أهل الخضر في الخضر ولا يقسم بينهم بالسوية على ثمانية حتى يعطى أهل كل سهم ثمنها ولكن يقسمها على قدر من يحضره من أصناف الثمانية على قدر ما يقيم كل صنف منهم بقدر السنة ليس في ذلك شئ (من قوت) ولا مسمى ولا مؤلف انما يصنع ذلك على قدر ما يرى وما يحضره حتى يسد فاقة كل قوم منهم وان فضل من ذلك فضل عرضوا المال جملة إلى غيرهم والانفال إلى الوالي وكل ارض فتحت أيام النبي صلى الله عليه وآله إلى اخر الأبد وما كان افتتاحا بدعوة أهل الجواد وأهل العدل لان ذمة رسول الله صلى الله عليه وآله في الأولين والآخرين ذمة واحدة لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال المسلمون اخوة تتكافئ دمائهم ويسعى بذمتهم أدناهم وليس في مال الخمس زكاة لان فقرأ الناس جعل أرزاقهم في أموال الناس على ثمانية أسهم فلم يبق منهم أحد وجعل للفقراء قرابة الرسول صلى الله عليه وآله نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس وصدقات النبي صلى الله عليه وآله وولى الامر فلم يبق فقير من فقراء الناس ولم يبق فقير من فقراء قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله الا وقد استغنى فلا فقير ولذلك لم يكن على مال النبي صلى الله عليه وآله والوالي زكاة لأنه لم يبق فقير محتاج ولكن بقى أشياء (تقويهم) تنوبهم من تلك الوجوه كما عليهم وروى الشيخ عن حماد بن عيسى باسناد فيه غير واحد من المجاهيل قال رواه إلى بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الأول (ع) قال الخمس في خمسة أشياء من الغنايم ومن الغوص ومن الكنوز ومن المعادن والملاحة وفي رواية يونس والعنبر أصبتها في بعض كتبه هذا الحرف وحده العنبر ولم أسمعه يؤخذ من كل هذه الصنوف الخمس فيجعل لمن جعله الله له ويقسم أربعة أقسام بين من قاتل عليه وولى ذلك ويقسم بينهم الخمس على ستة أسهم إلى اخر ما مر في الخبر السابق بتفاوت قليل في بعض المواضع قال في المعتبر ويدل على ذلك من طرق أهل البيت روايات منها رواية يونس قال يقسم الخمس ستة أقسام سهم لله وسهم لرسوله وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل انتهى ويؤيده ما رواه الكليني عن أحمد بن محمد بن أبي ي نصر في الصحيح عن الرضا (ع) قال سئل عن قول الله عز وجل واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى فقيل له فما كان لله فلمن هو فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله وما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله فهو للامام الحديث وهذه الأخبار (لا يخلو) عن قصور في السند أو في الدلالة لكن التحاق بعضها ببعض واعتضادها بالشهرة بين الأصحاب قدمائهم ومحدثيهم يرجح العمل بها احتج القائل بأنه يقسم خمسة أقسام بالآية الشريفة قالوا ومعنى قوله فأن لله خمسه كقوله تعالى والله ورسوله أحق ان يرضوه وقال بعضهم الافتتاح بذكر اسم الله تعالى على جهة التيمن والتبرك لان الأشياء كلها له عز وجل وفيها عدول عن الظاهر وذكر بعضهم ان معنى الآية ان معنى الخمس ان يكون متقربا به إلى الله عز وجل لا غير وان قوله عز وجل وللرسول ولذي القربى إلى اخره من قبيل التخصيص بعد التعميم تفضيلا لهذه الوجوه عن غيرها كقوله تعالى وملئكته وكتبه ورسله وجبريل وميكال والى هذه المعنى ذهب القائلون بان خمس الغنيمة مفوض إلى اجتهاد الامام يصرفه فيمن شاء من هذه الأصناف وغيرهم وفيه أيضا عدول عن الظاهر ويدل على هذا القول ما رواه الشيخ عن ربعي بن عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اتاه المغنم صفوه وكان ذلك له ثم يقسم ما بقى خمسة أخماس ويأخذ خمسه ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ثم قسم الخمس الذي اخذه خمس أخماس يأخذ خمس الله عز وجل لنفسه ثم يقسم الأربعة الأخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل يعطى كل واحد منهم جميعا وكذا الامام يأخذ كما اخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ومقتضى هذا الخبران للامام خمس الخمس والباقي للأصناف وأجاب عنها الشيخ بأنها انما تضمنت حكايته فعله صلى الله عليه وآله رجال (وجاز به) ان يكون (ع) اخذ دون حقه توفيرا للباقي على المستحقين وهذا التأويل لا يخلو عن بعد الا انه يتجه في مقام الجمع بين الاخبار فان ارتكابه أرجح من اطراح الاخبار المتعدد المشهورة بين العصابة ويحتمل الحمل على التقية أيضا لكونه أشهر بين العامة وثانيهما في المراد بذى القربى فالمشهور بين الأصحاب ان المراد به الإمام (ع) فله النصف من الخمس سهمان وراثة من النبي صلى الله عليه وآله وسهم أصالة ونقل السيد المرتضى عن بعض أصحابنا ان سهم ذي القربى لا يختص بالامام (ع) بل هو لجميع قرابة الرسول صلى الله عليه وآله من بني هاشم قال في (لف) ورواه ابن بابويه في المقنع ومن لا يحضره الفقيه وهو اختيار ابن الجنيد حجة الأول الأخبار السابقة عن قريب واستدل عليه أيضا بعض الأصحاب بالآية بناء على أن لفظ ذي القربى مفرد فلا يتناول أكثر من الواحد فيصرف إلى الإمام (ع) هو لجميع قرابة الرسول صلى الله عليه وآله من بني هاشم قال في (لف) ورواه ابن بابويه للاجماع من القائلين بالوحدة على اختصاصه بالامام (ع) قال وتنزيل اللفظ الموضوع للواحد على الجنس مجاز وابن السبيل يحمل على الجنس للضرورة إذ ليس هناك واحد يسوغ حمل اللفظ عليه ولعله مبنى على ما ذكره بعض المحققين من علماء العربية من أن الأصل والحقيقة في المضاف ان يكون المقصود به معهودا معينا لكن عند عدم القرينة الدالة على التعيين يحمل على العموم ولا قرينة وهذا على التخصيص وبالجملة لا يمكن التخصيص الا لحجة دالة عليه وحجة الثاني اطلاق الآية وقوله (ع) في صحيحة الربعي السابقة ثم يقسم الأربعة الأجناس بين ذوي القربى وما رواه الشيخ عن عبد الله بن مسكان في الصحيح قال حدثني زكريا بن مالك الجعفي عن أبي عبد الله (ع) انه سئله عن قول الله تعالى واعلموا ان ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فقال إما خمس الله عز وجل فللرسول يصنعه في سبيل الله واما خمس الرسول فلا قاربه وخمس ذوي القربى فهم أقرباؤه واليتامى يتامى أهل بيته فجعل هذه الأربعة أسهم فيهم واما المساكين وابن السبيل فقد عرفت انا لا نأكل الصدقة ولا تحل لنا فهي للمساكين وأبناء السبيل ويرد عليه ان اطلاق الآية مقيد بالأدلة السابقة الدالة عليه وصحيحة ربعي غير دالة على المدعى لان يقسم النبي صلى الله عليه وآله على هذا الوجه يجوز ان يكون برضا من الإمام (ع) فكما انه يوفر على المستحقين من حقه يجوز ان يوفر عليهم من حق الامام أيضا برضا منه لشدة قربه منه وكونه بمنزلة نفسه وخبر زكريا ضعيفة لان الراوي غير موثق في كتب الرجال ولا ممدوح فلا يعارض الأخبار السابقة الراجحة عليه بحسب التكثر والشهرة بين الأصحاب مع أنه يجوز ان يكون الجمعية في الأقارب وذوي القربى باعتبار الأزمان المختلفة وإن كان مختصا في كل زمان بالواحد الدليل الدال عليه واعلم أن الآية الشريفة انما تضمنت ذكر صرف الغنايم خاصة لكن الأشهر بين الأصحاب الحكم بتساوي الأنواع في المصرف بل ظاهر المنتهى والتذكرة ان ذلك متفق عليه بين الأصحاب والذي يقتضيه الدليل خروج خمس الأرباح عن هذا الحكم واختصاص بالامام (ع) لما مر من الأخبار الدالة عليه مع سلامتها عن المعارض واما المعدن والكنز والغوص (فللشارح) والنظر فيه مجال نظرا إلى مرسلة حماد ومرسلة أحمد بن محمد الدالين على أن مصرفها مصرف خمس الغنايم والى التوقف في اسنادهما والشك في بلوغهما حد الحجية مضافا إلى كثير من الأخبار الدالة على تحليل مطلق الخمس وأقرب الوجوه في توجيه ذلك كون جميع المذكورات حقا لهم عليهم السلام مضافا إلى عدم تحقق خمس الغنايم على الوجه المذكور في الآية في زمان الغيبة بناء على أن الغنيمة بدون اذن الامام ملك له (ع) والقول بان خمس المعادن والغوص للإمام (ع) يناسب القول بكون مطلق المعادن والبحار للامام كما سيجيئ بل صرح بعضهم بان خمس المعادن للإمام (ع) فعن سلار والانفال له أيضا وهي كل ارض فتحت من غيران يوجف عليه بخيل ولا ركاب والأرض الموات وميراث الحشري والآجام والمفاوز والمعادن و القطايع فليس لأحد ان يتصرف في شئ من ذلك الا باذنه فمن تصرف في شئ من ذلك باذنه فله أربعة أخماس المستفاد وللإمام الخمس وفي هذه الزمان قد أحلونا
(٤٨٦)