الحديث أوجبت في سنتي ولم أوجب ذلك عليهم في كل عام إلى غير ذلك من العبارات الدالة على أنه (ع) يحكم في هذا الحق بما شاء واختاروا الثاني ان قوله ولا أوجب عليهم الا الزكاة التي فرضها الله عليهم ينافيه قوله بعد ذلك فاما الغنايم والفوايد فهي واجبة عليهم في كل عام الثالث ان قوله وانما أوجب عليهم الخمس في سنتي هذه من الذهب والفضة التي قد حال عليها الحول خلاف المعهود إذ الحول يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة لا الخمس وكذا قوله (ع) ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا انية ولا خدم ولا دواب وان تعلق الخمس بهذه الأشياء غير معروف الرابع ان الوجه في الاقتصار على نصف السدس غير ظاهر بعد ما علم من وجوب الخمس في الضباع التي تحصل منها المؤنة كما يستفاد من الخبر الذي قبل هذه وغيره مما سيأتي إذا تقرر هذا فاعلم أن الاشكال الأول مبنى على ما أنفقت عليه كلمة المتأخرين من استواء جميع أنواع الخمس في المصرف ونحن نطالبهم بدليله ونضايقهم في بيان مأخذ هذه التسوية كيف وفي الاخبار التي بها تمسكهم وعليها اعتمادهم ما يؤذن بخلافها بل ينادى بالاختلاف كالخبر السابق عن أبي علي بن راشد ويعزى إلى جماعة من القدماء في هذا الباب ما يليق ان يكون ناظرا إلى ذلك وفي خبر لا يخلو من جهالة في الطريق تصريح به أيضا فهو عاضد للصحيح والخبر يرواية الشيخ باسناده عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد (بن أبي) نصر عن علي بن مهزيار قال حدثني محمد بن علي بن شجاع النيشابوري انه سال سألت أبا الحسن الثالث (ع) عن رجل أصاب من ضيعته مائة كر فاخذ منه العشر عشرة أكرار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا وبقى في يده ستون كرا ماذا الذي يجب لك من ذلك وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شئ فوقع (ع) لي منه الخمس مما يفضل من مؤنته وإذا قام احتمال الاختلاف فضلا عن ايضاح سبيله باختصاص بعض الأنواع بالامام (ع) فهذا الحديث مخرج عليه وشاهد به واشكال نسبة الايجاب فيه بالاثبات والنفي إلى نفسه (ع) مرتفع معه فان له التصرف في ماله بأي وجه شاء اخذا وتركا وبهذا ينحل الاشكال الرابع أيضا فإنه في معنى الأول وانما يتوجه السؤال عن وجه الاقتصار على نصف السدس بتقدير عدم استحقاقه (ع) للكل فاما مع كون الجميع له فتعين مقدار ما يأخذه ويدع راجع إلى مشيته وما يراه من المصلحة فلا مجال للسؤال عن وجهه واما الاشكال الثاني فمنشاؤه نوع اجمال في الكلام اقتضاه تعلقه بأمر معهود بين المخاطب وبينه (ع) كما يدل عليه قوله بما فعلت في عامي هذا وسوق الكلام يشير إلى البيان وينبه على أن الحصر في الزكاة اضافي مختص بنحو الغلات ومنه يعلم أن قوله والفوائد ليس على عمومه بحيث يتناول الغلات ونحوها بل هو مقصور على ما سواها ويقرب ان يكون قوله والحائزة وما عطف عليه إلى اخر هذا الكلام تفسيرا للفائدة أو تنبيها على نوعها ولا ريب في مغايرته لهذا النوع لنحو الغلات التي هي متعلق الحصر هناك ثم إن في هذه التفرقة بمعونة ملاحظة الاستشهاد بالآية وقوله بعد ذلك فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين دلالة واضحة على ما قلناه من اختلاف حال أنواع الخمس وان خمس الغنايم ونحوها مما يستحقه أهل الولاية ليس للإمام (ع) ان يرفع فيه ويضع على حد ماله في خمس نحو الغلات وما ذاك الا لاختصاص هناك والاشتراك هنا وبقى الكلام على الاشكال الثالث ومحصله ان الأشياء التي عدوها (ع) في ايجابه للخمس ونفيه أراد بها ما يكون محصلا مما يجب له فيه الخمس فاقتصر في الاخذ على ما حال عليه الحول من الذهب والفضة لان ذلك امارة الاستغناء عنه فلبس في الاخذ منه ثقل على من هو بيده وترك التعرض لهم في بقية الأشياء المعدودة طلبا للتخفيف كما صرح به (ع) انتهى والظاهر أن ايجاب الخمس في الذهب والفضة انما هو فيما إذا ربحها أو استفادهما بنوع اخر وبقى عنده حولا لا فيما بقى عنده حولا مطلقا إذ الظاهر أنه لم يقل بذلك أحد ونفى الايجاب فيما عدده كذلك وعلى هذا فالفوايد في قوله واما الغنايم والفوايد فهي واجبة عليهم ليس على عمومه بحيث يتناول الأرباح مطلقا فإنه قد نفى الوجوب عنها قبل ذلك والاستشهاد بالآية يحتمل ان يكون باعتبار الجزء الأول وهو الغنايم فلا يلزم دخول الفوايد (في الآية) وهيهنا اشكال اخر وهو ان المستفاد من قوله (ع) فاما الغنايم والفوايد فهى واجبة عليهم في كل عام ينافي الأخبار الدالة على تحليل الخمس ويمكن ان يقال أمر تحليل الخمس بيدهم (ع) فيجوز استثناء بعض الافراد وبعض الأزمان عن عموم التحليل فيحمل الخبر على أنه (ع) استثنى زمانه من عموم التحليل لمصلحة اقتضته فقوله واجبة عليهم في كل عام يعنى من أعوام زمانه لا مطلقا وعن الاخبار المناسبة لوجوب الخمس في هذا النوع ما رواه الشيخ عن علي بن مهزيار في الصحيح قال كتب إليه إبراهيم بن محمد الهمداني أقرأني على كتاب أبيك فيما أوجبه على على أصحاب الضياع انه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤنة وانه ليس على من لم يقم ضيعته بمؤنته نصف السدس ولا غير ذلك فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا يجب على الضياع الخمس بعد المؤنة مؤنة الضيعة وخراجها لا مؤنة الرجل وعياله فكتب وقرأه علي بن مهزيار عليه الخمس بعد مؤنته ومؤنة عياله وبعد خراج السلطان وروى الكليني هذا الخبر باسناد فيه ضعف عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت إلى أبي الحسن أقرأني علي بن مهزيار كتاب أبيك (ع) فيما أوجبه الحديث ومنه يظهر مرجع ضمير إليه في رواية الشيخ له مضافا إلى أن الإشارة بكتاب أبيه إلى الكتاب الذي سبق في رواية علي بن مهزيار وهو من أبي جعفر (ع) (فيكون المراد في هذا أبي الحسن الهادي (ع)) ويستفاد من هذا الخبر ان سألت أبا جعفر (ع) أوجب في الضياع نصف السدس وحينئذ فمعنى قوله عليه السلام عليه الخمس ان عليه الخمس بحسب أصل الشرع للامام وذلك لا ينافي تحليل صاحب الحق لبعض حقه منه أو جميعه ويحتمل على بعد أن يكون قوله عليه الخمس ايجاب الخمس منه عليه السلام وهو لا ينافي ايجاب أبيه أقل من ذلك بتحليل البعض وما رواه الكليني عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الحسن بن عثمان عن سماعة قال سألت سألت أبا الحسن (ع) عن الخمس فقال في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير وفي الصحيح إلى أحمد بن محمد بن عيسى بن (بريد) زيد وهو مجهول قال كتبت جعلت لك الفدا تعلمني ما الفائدة وما حدهما رأيك أبقاك الله ان تمن علي ببيان تلك لكيلا أكون مقيم على حرام لا صلاة لي ولا صوم فكتب الفائدة ما يفيد إليك في تجارة من ربحها وحرث بعد الغرام أو جايزة وتحرير البحث في هذا المقام ان الأخبار الدالة على وجوب الخمس في الأرباح مستفيضة والقول به معروف بين الأصحاب لا سبيل إلى رده لكن المستفاد من عدة من الاخبار انه مخصوص بالامام (ع) أو المستفاد من كثير منها انهم (ع) أباحوه لشيعتهم و القول بكونه مخصوصا بالامام (ع) غير معروف بين المتأخرين لكن لا يبعد ان يقال كلام ابن الجنيد ناظر إليه وانه مذهب القدماء والأخباريين ولا يبعد ان يكون قول جماعة من القدماء الذين ذهبوا إلى تحليل الخمس مطلقا في حال الغيبة ناظرا إليه أيضا وبالجملة حيث لم يثبت اجماع على خلافه ودلت الاخبار عليه من غير معارض فلا وجه لرده بمجرد اشتهار خلافه بين المتأخرين وهذا غير خفى على الناظر في الأدلة المتفحص عن طرق الاحكام واما الأخبار الدالة على أنهم (ع) أباحوا الخمس مطلقا أو النوع المذكور منه لشيعتهم فكثير منها ما رواه الشيخ عن الحارث بن المغيرة النضري في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له ان لنا أموالا من غلات وتجارات ونحو ذلك وقد علمت أن لك فيها حقا قال نعم فلم أحللنا إذا لشيعتنا الا ليطيب ولادتهم وكل من والى آبائي فهم في حل عما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغايب قال في المنتقى بعد نقل هذا الحديث (لا يخفى قوة دلالة هذا الحديث) على تحليل حق الامام في خصوص النوع المعروف في كلام الأصحاب بالأرباح فإذا أضفته إلى الأخبار السابقة الدالة بمعونة ما حققناه على اختصاصه (ع) بجنسها عرفت وجه مصير بعض قدمائنا إلى عدم وجوب اخراجه بخصوصه في حال الغيبة وتحققت ان استضعاف المتأخرين به ناش من قلة التفحص عن الاخبار ومعانيها والقناعة بميسور النظر فيها ثم إن للحديث اعتضادا بعدة روايات يأتي وبما تضمنه حديث أبي علي بن راشد السالف من اشتراط وجوب هذا النوع من الخمس بالامكان وظاهر سوق الحديث إرادة امكان الوصول إلى الوكيل الخاص والموكل أولي بالحكم كما لا يخفى بخلاف الوكيل العام وبما رواه الصدوق في كتابه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن يونس بن يعقوب قال كنت عند أبي عبد الله (ع)
(٤٨١)