إذا قتل واحد مثلا عشرة أنفس، ثبت لكل واحد من أولياء المقتولين القود، لا يتعلق حقه بحق غيره، فإن قتل بالأول سقط حق الباقين لا إلى بدل، وإن بدر واحد منهم فقتله سقط حق كل واحد من الباقين، ولا تتداخل حقوقهم، لقوله تعالى " فقد جعلنا لوليه سلطانا " (1)، فمن قال يتداخل، فعليه الدلالة، فأما إثبات البدل، فالأصل براءة الذمة، وإثبات الدية يحتاج إلى دليل، على إنا قد بينا أن الدية لا تثبت إلا بالتراضي، وذلك مفقود هاهنا وأيضا قوله تعالى " النفس بالنفس " (2) ولم يقل نفس بأنفس ولا نفس بمال.
إذا قطع رجل يد رجل، فقطع المجنا (3) عليه يد الجاني، ثم إنه اندمل المجنا عليه، وسرى القطع إلى نفس الجاني، كان هدرا، فإن عاش الجاني الظالم، ومات المجني عليه، وجب على الجاني القود.
إذا قتل اثنان رجلا وكان أحدهما لو انفرد بقتله قتل به دون الآخر، لم يخل من أحد أمرين، إما أن يكون القود لم يجب على أحدهما لمعنى فيه، أو في فعله، فإن كان لمعنى فيه، مثل أن يشارك أجنبيا في قتل ولده، أو نصرانيا في قتل نصراني، أو عبدا في قتل عبد، فعلى شريكه القود دونه، وإن كان القود لم يجب عليه لمعنى في فعله، مثل أن يكون عمدا محضا يشارك من قتله خطأ، أو عمد الخطأ، فالقود على العامد منهما.
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه لا قود على العامد المحض إذا شاركه من قتله (4) خطأ (5).
وهذا مذهب الشافعي، دون الإمامي، لأن الله تعالى قال " فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل " (6) وهذا قد قتل ظلما فوجب أن يكون لوليه سلطان.
وإجماع أصحابنا منعقد على أن القتل إذا كان عمدا محضا يوجب القود، فمن أسقطه هاهنا يحتاج إلى دليل.