فإن مجرد العقد على مال اليتيم ليس بحرام جزما، كما أن العقد الفضولي ليس بحرام.
ومنها: أن الآيات التي وقعت تلك الآية الشريفة خلالها كلها محرمات نفسية، وفيها بعض الواجبات النفسية، والظهور السياقي نحو ظهور معتبر.
ومنها: أن قوله تعالى في صدر الآيات في سورة الأنعام: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) (1) ظاهر بلا ريب في المحرمات التكليفية عند الإطلاق، فيدل ذلك على أن المتلو كله من المحرمات التكليفية.
ولا شبهة في أن مجرد بيع مال اليتيم وإجارته ونحوهما لا تكون محرمة، فيستكشف منه أن المراد هو التصرفات الخارجية التي هي محرمة تكليفا.
ومنها: أن تلك الآية الكريمة وقعت في سورة الإسراء في خلال آيات المحرمات والواجبات والمواعظ والحكم، وفي ذيلها قوله تعالى: (ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة) (2).
والظاهر أن الإشارة متوجهة إلى جميع المذكورات التي هي من الحكم والنصائح، وهو يدل على أن النهي تكليفي لا إرشادي; فإن نحو قوله: «لا يصح البيع» و «بطلت الإجارة» ونحو ذلك، ليس من الحكم والنصائح، فإذا كان الحكم تكليفيا، فلا بد وأن يتعلق بالتصرفات العينية، لا الاعتبارية.
فالظاهر أن الآية الكريمة كسائر ما وردت في حرمة أكل مال اليتيم، ولا تعرض لها لنحو البيع والإجارة ونحوها، كما لا تتعرض سائر الآيات التي هي في خلالها للحكم الوضعي.