التحقيق في لزوم تطابق الإجازة للعقد والتحقيق أن يقال في باب الإيجاب والقبول وفي هذا الباب: إن القبول لو كان قبولا لإنشاء الموجب، والإجازة إجازة لإنشاء البيع، فلا مجال للتجزؤ فيهما; لأن الإنشاء لا يتجزأ، ولا ينحل إلى إنشاءات، كما أن الإخبار بأمور متكثرة، لا ينحل إلى إخبارات، فلو قال: «كل نار باردة» لم يقل إلا كذبا واحدا، ولا ينحل إلي أكاذيب بعدد ما أخبر به.
وكذا الحال في النذر والعهد ونحوهما، فلو نذر أن يصوم كل جمعة، لم ينحل إلى نذور كثيرة، بل نذر واحد لأمور كثيرة، فلو ترك صوم جمعة حنث في نذره، ولا حنث بعده; إذ لا نذر.
ولو خاطب جماعة، لم ينحل خطابه إلى خطابات بعدد المخاطبين، بل خطاب واحد يخاطب به الجميع، وهذا واضح عند التدبر، وتترتب عليه أحكام كثيرة.
ولو كان قبولا للمنشأ وإجازة للبيع المسببي - أي المنشأ بالإنشاء - لاختلفت الموارد عرفا، فإذا كانت السلعة واحدة ككتاب واحد، وثوب واحد، ودار واحدة وهكذا، لا ينحل البيع المنشأ إلى بيوع كثيرة وانتقالات عديدة، إلا مع وجود منشأ للتحليل والتكثير، كما لو كانت السلعة الشخصية لشخصين، أو نقل ما يملكه وما لا يملكه.
وإذا كانت كثيرة غير مرتبطة في المعاملة، كمن أراد بيع ثوبه بعشرة، وفراشه بعشرين، وبعد التقاول جمع بينهما في الإيجاب، أو البيع فضولا، فحينئذ لو قبل المشتري أحدهما، أو أجازه المالك، صح، ولم يكن ما قبله وأجازه غير مطابق للإيجاب والبيع.