ومفروض الكلام فيما إذا لم يكن غرور في البين، ولا إتلاف، بل فيما إذا تلف بآفة سماوية ما في يد الأخير، ولم يكن أحد من في السلسلة مغرورا.
والإنصاف: أن المسألة من المشكلات، وإقامة البرهان عليها في غاية الإشكال، ولهذا تراهم يتشبثون بأمور غير مرضية، وكلا يذهب يمينا وشمالا، ولم يأتوا بشئ يمكن الاتكال عليه.
ولا بد قبل التعرض لما أفادوا رحمهم الله تعالى من تقديم أمور:
الأمر الأول: ظاهر «على اليد» الضمان لخصوص ما وقع تحت اليد قد مر غير مرة أن ظاهر «على اليد...» الضمان لما وقع تحت اليد من الأعيان وأوصافها ومنافعها ولو كانت على بعضها تبعا، دون ما لم يقع تحت اليد (1).
فلو غصب العين التي لها منافع تدريجية، وخرجت عن تحت يده بغصب آخر قبل فوات المنافع، وفاتت تحت يد الثاني، يكون الأول ضامنا لنفس العين، والثاني لها وللمنفعة الفائتة.
ولو حصل لها وصف مرغوب فيه لدى ثالث، وفات في يد رابع، ضمنا الوصف; لوقوعه تحت يدهما، وأما الأولان فلا يضمنان ذلك.
فما قيل: من أن اليد موجبة لنقل كل خسارة من المالك إلى الأخير; بمعنى أن الخسارات الواقعة على المالك - لولا يد الضمان - تكون على الضامن بواسطة أخذه (2)، غير مرضي لو أراد بذلك أن الخسارات مطلقا - سواء كانت اليد واقعة على منشئها أم لا - مضمونة; ضرورة أنه لا دليل في الباب إلا قاعدة