فقوله تعالى: (ولا تقربوا الزنا) (1) لا يفهم منه إلا الحرمة التكليفية، ولا تفهم منه حرمة إجارة الزانية للزنا وبطلانها.
وكذا قوله تعالى: (ولا تقربوا الفواحش) (2) لا يدل إلا على حرمتها، لا على بطلان الاكتساب بها، ولا فرق بينهما وبين الآية الكريمة، فبناء على ذلك تكون الآية الكريمة أجنبية عما نحن بصدده.
ثم إن المراد بال (أحسن) إما الأفضل، أو مجرد الحسن، وأما إرادة الخالي عن المفسدة فبعيدة.
فعلى الأول: لا بد في تحقيقه من بيان أمر، وهو أنه قد عرفت فيما سبق:
أن ما يمكن أن يراد بالنهي عن القرب - بنحو الكناية - إما التصرفات الاعتبارية كالبيع والصلح، أو الخارجية كالأكل والشرب، أو هما معا، أو أمر ثبوتي أعم منهما ومن الإبقاء الملازم للترك (3).
فحينئذ نقول: إن المكنى عنه إما عنوان وحداني لا تكثر فيه، كعنوان التصرف الاعتباري، أو الخارجي، أو مطلق الأمر الثبوتي الأعم.
أو عنوان ناظر إلى الكثرات، مثل كل تصرف، أو كل أمر ثبوتي; مما يدل على الكثرة، ونحوه ما إذا كان الملحوظ عناوين التصرفات، نحو الأكل والشرب، أو البيع والهبة.
فإن كان الملحوظ والمكنى عنه العنوان الوحداني الأعم - أي الأمر الثبوتي الأعم من التصرفات والإبقاء، من غير لحاظ المصاديق والكثرات - فلا يعقل أن يكون الأحسن تفضيلا إن كان التفضيل في المصاديق، لا في الحيثيات