وما قيل من أن هذا أيضا مشتاق إليه عقلا (1)، كما ترى; لأن شأن العقل الإدراك لا الاشتياق، فكأن القائل زعم أن الإرادة شوق مؤكد، وهو غير وجيه، مخالف للوجدان والبرهان; لأن الإرادة والشوق من مقولتين، وليس الشوق عينها، ولا من مبادئها دائما، نعم هو من مبادئها غالبا.
وكيف كان: جميع الأفعال الصادرة عن التفات وإرادة مسبوقة بالاختيار والاصطفاء، ولا يعقل تعلق الإرادة بلا ترجيح واصطفاء واختيار، فالفعل الاضطراري والإجباري والإكراهي كلها من الأفعال الاختيارية، فمن يضطر إلي شرب دواء، أو يجبر أو يكره عليه، فلا محالة يرجح فعله على الترك المترتبة عليه المفسدة، فيفعله باختيار واصطفاء.
والاختيار في جميع الموارد ماهية واحدة، لا تختلف ذاتا وماهية، وليس الاختيار المقابل للاضطرار غير الاختيار المقابل للإكراه، ولا غير الاختيار الذي في سائر الأفعال، وإن اختلفت مبادئ الاختيار في تلك الأفعال.
عدم الإكراه هو الشرط في المتعاقدين فعلى هذا: ما هو الشرط في المتعاقدين ليس الاختيار، حتى نحتاج إلي دعوى خروج الاختيار المقابل للاضطرار وغيره، مع ما عرفت من عدم ثبوت معان كثيرة له، أو نحتاج إلى تفسيره بما فسره الشيخ الأعظم (قدس سره):
تارة: بالقصد إلى وقوع مضمون العقد عن طيب النفس (2)، مع أن المضطر