هذا كله مع بسط اليد للحاكم الشرعي والوالي الحق، وإلا صار ذلك الحكم الشرعي وسيلة لأكل ولاة الجور أموال الصغار والكبار، كما لا يخفى على المطلع بسيرتهم، خذلهم الله تعالى.
ثم إن المقصود من هذا المقال ليس اثبات حكم شرعي بالعقول; ضرورة عدم إحاطة عقولنا بالمصالح والمفاسد والنظام التشريعي، بل المقصود لزوم الأخذ بالإطلاقات في مقابل صاحب «الإيضاح» الذي تشبث بالدليل العقلي، فمقصودنا أنه لو وصل الأمر إلى حكم العقول، لكان الحكم بثبوته أولى من عدمه.
ثم إن دليل صاحب «الإيضاح» لا يقتضي اعتبار العدالة، بل غاية اقتضائه - على فرض التمامية - هو اعتبار الوثاقة والأمانة، فربما يكون الفاسق أوثق في الأموال من بعض العدول، كما أن الأمر كذلك أيضا لو كان الدليل على الاعتبار آية النبأ (1).
الاستدلال بآية الركون على اعتبار العدالة نعم، لو كان الدليل عليه آية الركون (2) فعلى فرض تماميته لازمه اعتبار العدالة موضوعيا; فإن جعل الولاية للظالم ركون إليه، والركون إليه محرم، فإذا كان محرما فهو قبيح، ولا يعقل صدور القبيح من الحكيم جل وعلا.
فالأب الفاسق كالأجنبي، كان وثيقا أو لا، كان تصرفه موافقا للصلاح أو لا.