صحيحة ابن الحجاج الأخرى: «كان محمد بن المنكدر يقول لأبي: يا أبا جعفر رحمك الله، والله إنا لنعلم أنك لو أخذت دينارا والصرف بثمانية عشر، فدرت المدينة على أن تجد من يعطيك عشرين ما وجدته، وما هذا إلا فرار.
فكان أبي يقول: صدقت والله، ولكنه فرار من باطل إلى حق» (1) لم يتضح منه أن الفرار لأجل جعل الدينار مقابل الدرهم، بل هذا محتمل.
كما يحتمل أن يكون المراد أن ضم الدينار إلى الدراهم لا يوجب أن يكون الدينار الواحد مقابلا لألف درهم، بل بحسب اللب تكون الزيادة لأجل سعر الدرهم وزيادة سعر الدمشقية والبصرية، وجعل المجموع مقابل المجموع فرارا.
وبالجملة: لا يستفاد من تلك الروايات الصرف الاختياري، فضلا عن الصرف مع عدم القصد المخالف للقواعد، كما أن الظاهر منها أن العلاج مخرج للبيع عن الربوي.
استنكار تحليل الربا بالحيل المذكورة نعم، هنا كلام يجب التعرض له - وإن كان خارجا عن محط البحث - لأهميته، وعدم تحقيق الحق فيه، وهو أن الربا مع هذه التشديدات والاستنكارات، التي وردت فيه في القرآن الكريم والسنة من طريق الفريقين; مما قل نحوها في سائر المعاصي، ومع ما فيه من المفاسد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية; مما تعرض لها علماء الاقتصاد، كيف يمكن تحليله