بل الغالب في العظماء من الأنبياء وغيرهم الشروع في الطرح أو العمل من الصفر تقريبا، فهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قد قام بالرسالة ولم يؤمن به في أول تبليغه إلا طفل صغير السن عظيم الشأن، وامرأة جليلة.
ولكن قام بأعباء الرسالة ونشر الدعوة عن عزم راسخ، وإرادة قوية، وقوة قدسية، غير آيس من حصول مقصده، وجاهد وتحمل المشاق طيلة حياته، حتى بلغ الأمر إلى أن نشر الإسلام في العالم، وبلغت عدة المسلمين - في الحال - قريبة من سبعمائة مليونا، وستزيد إن شاء الله (والله غالب على أمره).
وأبو عبد الله (عليه السلام) قد أسس بهذا الجعل أساسا قويما للأمة وللمذهب; بحيث لو نشر هذا الطرح والتأسيس في مجتمع التشيع، وأبلغه الفقهاء والمفكرون إلي الناس - ولا سيما إلى المجامع العلمية وذوي الأفكار الراقية - لصار ذلك موجبا لانتباه الأمة والتفاتهم إليه، وخصوصا طبقة الشبان، فلعله يصير موجبا لقيام شخص أو أشخاص بتأسيس حكومة إسلامية عادلة، تقطع أيادي الأجانب من بلاد المسلمين.
واللازم على العلماء الأعلام والمبلغين أيدهم الله تعالى أن يقوموا بهذا الأمر الحيوي، ويزيلوا اليأس من قلوبهم وقلوب الطلاب والمحصلين وسائر الناس، فإنه مبدأ الخمود والقعود عن الوصول إلى الحق.
الاستدلال بصحيحة القداح ومنها: صحيحة القداح; عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة...» إلى أن قال:
«وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكن ورثوا