مسألة اعتبار الاختيار في المتعاقدين قالوا: ومن شرائط المتعاقدين الاختيار (1). والمراد به القصد إلى وقوع مضمون العقد عن طيب النفس، في مقابل الكراهة وعدم طيب النفس، لا الاختيار في مقابل الجبر أو الاضطرار (2).
أقول: جميع الأفعال الصادرة عن التفات وإرادة مسبوقة بالاختيار; لأنه من مبادئها، غاية الأمر قد يكون الاختيار لأجل ملائمة الشئ وموافقته لشهوات الفاعل وميوله، فيشتاق إليه ويختاره ويصطفيه، ويرجح وجوده فيريده.
وقد يكون الشئ مخالفا لميوله، فيكون إيجاده مكروها ومبغوضا له، ومع ذلك يدرك العقل الصلاح فيه; لدفع الأفسد بالفاسد، فهذا الإدراك العقلي المخالف للتمايلات النفسانية، موجب لترجيح جانب الفعل واختياره، فيريده مع كراهته جدا، كتناول السم للفرار عن الأشق منه.