فمن تفرغ في مكان للعبادة، وأمكن خروجه منه بلا محذور ولا حرج، فأوجد المعاملة بأمر الغير، لا يصدق: «أنه مكره وملزم فيها» كما لا يصدق:
«أنه مكره في ارتكاب الحرام» ولو كان الخروج ضرريا أو حرجيا يصدق فيهما معا.
وقد تقدم (1) أن طيب النفس في المعاملات غير معتبر لو أريد منه انشراح الصدر واشتياق النفس، وكذا الرضا المعتبر فيها ليس مقابل السخط، بل الطيب المعتبر فيها هو إيقاعها بلا تحميل الغير إياه، والرضا بها كذلك.
فمن سخط من معاملة، فغايته أنه كالمضطر الذي يكون بيع داره التي هي ظل رأسه مكروها له، ومورد سخطه جدا، فلو باعها مع ذلك بلا إلزام غيره، يقال: «إنه رضي بالبيع» مع عدم طيب نفسه وعدم رضاه بالمعنى المتقدم، ولا شبهة في تحقق الرضا والطيب المعتبر في المعاملة في المثال المتقدم.
فالكراهة وعدم انشراح الصدر غير مضرة بصحتها، وقد تقدم الكلام في رواية ابن سنان (2).
النسبة بين الاضطرار والإكراه في حديث الرفع ثم إن النسبة بين الاضطرار والإكراه في حديث الرفع - بحسب المفهوم - التباين; فإن الإكراه الذي هو صفة للمكره بالكسر، فعل منه، والاضطرار صفة للمضطر، وهو منفعل به، ولا ربط بينهما مفهوما، كما لا ينطبقان على مورد واحد، سواء حصل الاضطرار من إكراه مكره، أو حصل بحسب حوائجه.