تحمله العاقلة (1).
والظاهر من غير الرواية الأولى، الاختصاص بباب الجنايات، لا لمجرد ذكر الحمل على العاقلة في ذيلها، بل لأن الظاهر من قوله (عليه السلام): «عمده خطأ يحمل على العاقلة» أن مطلق عمده يحمل عليها، مع أن ما يحمل عليها فرد نادر من عمده.
فلا بد من أن يراد خصوص عمده في الجنايات; لأجل معهودية كون الخطأ مورد الحكم، وهو الحمل على العاقلة، وإلا يلزم منه التقييد إلى حد الاستهجان، فلا إطلاق فيها.
وأما حسنة محمد بن مسلم، فهي وإن كان لها إطلاق، ومقتضى الصناعة لزوم الأخذ بإطلاقها; لعدم التنافي بينها وبين غيرها، لكونهما مثبتين، لكن ورود جميع الروايات المتقدمة وغيرها - الواردة في المجنون والأعمى - في مورد الجناية، وكون الحكم فيها معهودا، يوهن الإطلاق; لقوة احتمال اتكال المتكلم على تلك المعهودية فلم يذكر القيد.
وأما ما قيل من «أن الظاهر مقابلة العمد والخطأ، وإنما يتصور العمد والخطأ فيما أمكن انقسامه إليهما; بأن يكون ترتب مسببه عليه قهرا معقولا، فتارة يصيب القصد بالإضافة إلى ما يترتب عليه، وأخرى يخطيء عنه، كالرمي الذي يترتب عليه القتل المقصود به تارة، وغير المقصود به أخرى.
ولا يترتب على الأسباب المعاملية شئ قهرا، حتى يكون تارة مقصودا من السبب، وأخرى غير مقصود منه، ليوصف المترتب عليه ب «أنه عمدي»