وبهذا يظهر عدم جواز جعل «عمدهما خطأ» علة لرفع القلم; لأن التنزيل بلحاظ ثبوت الحكم على العاقلة، ليس علة لسلب الحكم عن الصغير والمجنون.
كما لا يصح جعل تنزيل العمد منزلة الخطأ - مطلقا - علة; لعين المحذور في إطلاقه.
نعم، لو جعل عمدهما في غير مورد الجنايات علة، فلا محذور فيه من هذه الجهة، لكنه مخالف لظاهر الرواية، بل لا تصح إرادة خصوص غير موردها مع ذكر الحمل على العاقلة.
مضافا إلى أن علية تنزيل العمد منزلة الخطأ - لرفع القلم - غير صحيحة، بل العكس أولى.
وأما ما قيل في وجه ارتباط رفع القلم بما قبله من «أن تنزيل العمد منزلة الخطأ يقتضي - بالمطابقة - إثبات حكم الخطأ، وهو الدية على العاقلة، ويقتضي - بالالتزام - نفي حكم العمد وشبهه، وحيث قال (عليه السلام): «عمدهما خطأ» أراد بيان ما يقتضيه بالمطابقة، فقال (عليه السلام): «تحمله العاقلة» وبيان ما يقتضيه بالالتزام، فقال (عليه السلام): «وقد رفع عنهما القلم» على الترتيب بين الدلالتين» (1).
ففيه: أنه لا بد وأن تكون الدلالة المطابقية والالتزامية - مع قطع النظر عن قوله (عليه السلام): «تحمله العاقلة» وقوله (عليه السلام): «قد رفع عنهما القلم» - متحققة كما هو مدعاه، وهي مفقودة; لأن قوله (عليه السلام): «عمدهما خطأ» لولا التذييل بما ذكر، لكان شاملا لباب الجنايات وغيره بمقتضى إطلاقه، فيشمل ما لم يكن للخطأ فيه حكم، وكان ملغى وبلا أثر.