تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) (1) - سواء أريد به أموالهم; أي أموال السفهاء، كما في رواية (2)، أو الأعم من أموالهم وأموال الأولياء - ظاهر في أن الميزان في حرمة الدفع ولزومه هو السفه وعدمه.
وظاهر آية الابتلاء أن الميزان هو إيناس رشد منهم.
فإن كان الموضوع لحرمة الدفع السفاهة، يمكن أن يقال: إن سفاهة ما كافية في تحققه، فإذا كان سفيها في معاملاته دون عطاياه، أو في عطاياه وجوائزه دون معاملاته، كفى في الحرمة.
ويمكن أن يقال: إن الظاهر من السفيه هو ما كان سفيها بقول مطلق وبلا قيد، والسفيه من جهة ليس كذلك، فيكون الموضوع هو السفيه من جميع الجهات، فمن كان رشيدا من جهة يجب دفع المال إليه; إذ الأمر دائر بين الحرمة والوجوب، وفي وجوب الدفع إلى غير السفيه يأتي الاحتمالان أيضا.
فحينئذ لو كان الموضوع في وجوب الدفع غير السفيه بقول مطلق، يمكن أن يكون إيناس رشد ما، أمارة على عدم سفهه بقول مطلق عند الشك في تحقق الموضوع.
والتحقيق: أن الموضوع لوجوب الدفع إيناس الرشد مطلقا; لظهور آية الابتلاء فيه ببيان نشير إليه، وأما الآية المتقدمة، فظاهرها عدم إيتاء أموال المخاطبين، لا اليتامى والسفهاء، وإن ورد في بعض ضعاف الروايات أن المراد من (أموالكم) أموالهم.
ويمكن تأييده بأن يقال: إن المراد من قوله تعالى: (التي جعل الله لكم