فإن الوجه الأول المأخوذ من الطبرسي (1)، لا يدل على مقصوده لو لم يكن مؤيدا للاحتمال الثاني من الاحتمالات; بدعوى أن إطلاق قوله تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم) يقتضي وجوب الإيتاء ولو مع سفههم.
وقوله تعالى: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) لو كان المراد منه أموالهم - كما قيل (2) - لاقتضى عدم جواز إيتاء السفهاء من اليتامى أموا لهم، والجمع بينهما يقتضي الإيتاء مع رشدهم، وهذا عين الاحتمال الثاني.
وإنما الفرق بين الآيتين - بعد الجمع - وبين آية الابتلاء: أن في الثانية بين كيفية العلم بالرشد والسفه.
وأما الوجه الثاني، فيرد عليه: أن من المحتمل أن جعل البلوغ غاية; لأجل إفهام أن لزوم الابتلاء إنما هو قبل البلوغ، لكشف الرشد الذي هو تمام الموضوع للاستقلال، وأما إذا انتهى إلى البلوغ فلا يجب الابتلاء; لأن البلوغ موضوع آخر للاستقلال كما مر بيانه، فيكون ذلك أيضا من مرجحات الاحتمال الثاني في كلامنا، والأول في كلامه.
بل الأظهرية لأجل أن الظاهر من «حتى» الظاهرة في الغاية، أن الابتلاء يجب أن يكون مستمرا من زمان احتمال الرشد إلى زمان بلوغ النكاح، فيكون قوله تعالى: (فإن آنستم منهم رشدا) تفريعا على الابتلاء المستمر عرفا إلي حال البلوغ.
فكأنه قال: «إذا اختبرتموهم إلى زمان بلوغهم فآنستم حاله منهم رشدا، فادفعوا إليهم أموا لهم» فإيناس الرشد في زمان البلوغ موضوع للحكم، فتدل الآية على أن كلا منهما جزء الموضوع.