خلفيات كتاب مأساة الزهراء (ع) - السيد جعفر مرتضى - ج ١ - الصفحة ١٠٢
عالما ولم يغن (1) فيه يوما سالما، بكر (2) فاستكثر، ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن (3) واكتنز من غير طائل (4) جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، وإن خالف قاضيا سبقه، لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده، كفعله بمن كان قبله، وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه، ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في منزل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ، لا يحسب العلم في شيء مما أنكر، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهبا، إن قاس شيئا بشيء لم يكذب نظره وإن أظلم عليه أمر اكتتم به، لما يعلم من جهل نفسه، لكيلا يقال له: لا يعلم، ثم جسر فقضى.
فهو مفتاح عشوات (5)، ركاب شبهات، خباط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم (6).
تبكي منه المواريث، وتصرخ منه الدماء؛ يستحل بقضائه الفرج الحرام، ويحرم بقضائه الفرج الحلال، لا ملئ بإصدار ما عليه ورد (7)، ولا هو أهل لما منه فرط، من ادعائه علم الحق) (8).
14 - ثم إن هذا البعض قد أشار إلى:
" الأحاديث التي تقول بأن بعض الناس ممن أرسلهم النبي ليقضوا في بعض المناطق، قد قال لهم ما مفاده: أنه إذا لم يجد أحدكم شيئا في كتاب الله وسنة رسوله - مما يعرض عليكم - فإنه يعمل باجتهاد رأيه.. " ونقول:

(١) أي لم يلبث يوما تاما.
(٢) أي خرج للطلب بكرة وهي كناية عن شدة طلبه واهتمامه في كل يوم أو في أول العمر إلى جمع الشبهات والآراء الباطلة.
(٣) أي شرب حتى ارتوى، والآجن: الماء المتغير المتعفن.
(٤) أي عد ما جمعه كنزا وهو غير طائل. أي ما لا نفع فيه.
(٥) العشوة: الظلمة أي يفتح على الناس ظلمات الشبهات؛ والخبط المشي على غير استواء.
(٦) أي كما أن الريح في حمل الهشيم وتبديده لا تبالي بتمزيقه واختلال نسقه كذلك هذا الجاهل يفعل بالروايات ما تفعل الريح بالهشيم؛ والهشيم ما يبس من النبت وتفتت.
(٧) المليئ بالهمزة: الثقة والغنى، والاصدار الارجاع.
(٨) الكافي ج ١ ص ٥٨ - ٥٩ والبحار ج ١٠١ ص ٢٦٦ / ٢٦٧ ونهج البلاغة ج ١ الخطبة رقم ١٧ ومصادر نهج البلاغة عن: غريب الحديث لابن قتيبة وعن قوت القلوب ج ١ ص ٢٩٠ وأمالي الطوسي ج ١ ص ٢٤٠ وعن الاحتجاج ج ١ ص ٣٩٠ وعن الإرشاد للمفيد ص 109 وغيرهم.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست