الآراء واختلفت. فإذا لم يكن في كتاب الله وسنة رسوله كانت آراء الناس هي الحق المعلوم.. وإن الرواية السابقة ناظرة لموافقة أو مخالفة الحق الموجود في كتاب الله وسنة رسوله فقط، دون ما لم يكن واردا فيهما.
فإن الجواب لهذا البعض هو:
الف: إن هذا الكلام يستبطن التصويب في اجتهاد الآراء. والتصويب باطل بلا ريب.
ب: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله:
(ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام، فيحكم فيها برأيه، ثم يرد تلك القضية بعينها على غيره، فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم، فيصوب آراءهم جميعا وإلههم واحد! ونبيهم واحد! وكتابهم واحد!.
أفأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه! أم نهاهم عنه فعصوه! أم أنزل الله سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه) (1)!.
وروي عن عمر بن أذينة، وكان من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: (خلت يوما على عبد الرحمن بن أبي ليلى بالكوفة، وهو قاض، فقلت: أردت أصلحك الله أن أسألك عن مسائل وكنت حديث السن.
فقال: سل يا ابن أخي عما شئت.
فقلت: أخبرني عنكم معاشر القضاة ترد عليكم القضية في المال والفرج والدم فتقضي أنت فيها برأيك، ثم ترد تلك القضية بعينها على قاضي مكة فيقضي فيها بخلاف قضيتك، وترد على قاضي البصرة وقضاة اليمن وقاضي المدينة فيقضون بخلاف ذلك، ثم تجتمعون عند خليفتكم الذي استقضاكم فتخبرونه باختلاف قضاياكم فيصوب قول كل واحد منكم، وإلهكم واحد ونبيكم واحد ودينكم واحد، أفأمركم الله عز وجل بالاختلاف فأطعتموه؟ أم نهاكم عنه فعصيتموه؟ أم كنتم شركاء الله في حكمه فلكم أن تقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بكم على إتمامه؟ أم أنزله الله تاما فقصر رسول الله (ص) عن أدائه؟ أم ماذا تقولون؟