ونقول: لا ندري السبب في حكمه هذا، فإن حجية خبر الواحد لم تخصص من خلال أدلتها، كبناء العقلاء، أو (آية النبأ) أو غيرها مما يستدل به على حجيته - لم تخصص - هذه الحجية في نوع دون نوع. فمن أين جاء هذا التخصيص البديع - بل المستهجن - يا ترى؟
3 - إن هذا البعض يقول بعدم إمكان الأخذ بالحديث الضعيف في جوانب الحياة.
ونقول: إن من يقول بالأخذ بالحديث الموثوق - وهذا البعض يدعي دائما أنه منهم - لا بحديث الثقة، لا يحق له أن يقول بلزوم الاقتصار على الخبر الصحيح سندا في أمور الشرع، ولا في سائر ما تقدم.
4 - إن خبر الواحد حين ينقل لنا ملكات الأشخاص، أو حادثة تاريخية لا يزيد عن كونه ينقل خبرا في موضوع من الموضوعات، فإذا كانت حجيته من باب بناء العقلاء، فلماذا لا تشمل ما هو من قبيل الإخبار بعدالة أو بحياة زيد من الناس، أو بوقوع حادثة القتل الفلانية، وكذا الحديث عن الكونيات، والتبدل فيها ووقوع زلزال أو خسف في البلد الفلاني، أو كالشهادة بالهلال..؟
أما القضايا المتصلة بأفعال الأنبياء، فما هي إلا كنقل صلاتهم، وحجهم، وصيامهم (ع) لنا، ومن هذه الأفعال نقل خبر شجاعة النبي، والإمام الخارقة للعادة في بعض المواضع، كخبر ثباته (ص) يوم أحد، وكخبر قلع باب خيبر، وقتل علي عليه السلام لعمرو بن عبد ود، حيث كانت ضربته تعدل عبادة الثقلين.
5 - إنه قد اعتبر أنه لا بد من القطع أو الاطمئنان في كل ما ليس حكما شرعيا، مؤكدا على أن حجيتهما الذاتية هي المنشأ، للأخذ بهما بعيدا عن الخبر.
وهذا معناه لزوم إلقاء معظم الحديث المنقول عن أهل البيت عليهم السلام من أصله والاستغناء عنه؛ لأنه لا حجية له، بل الحجية لليقين بذاته، وللإطمئنان بذاته كما يقول. (وهذه مقولة خطيرة).
مع ما في هذا الأخير - أي حجية الاطمئنان بذاته - من إشكال ظاهر.
ومن الطرائف أن تكون سيرة العقلاء التي يستدل بها هذا البعض على حجية الخبر هي نفسها التي يستدل بها على حجية الاطمئنان، فكيف ساغ له