مجال لتحقيق مضمون قوله تعالى: ثم لا يكن في أنفسهم حرج مما قضيت.
13 - إن هذا البعض يدعي: أنه يعرف:
" أن الاجتهادات بالرأي كانت موجودة خاصة إذا صحت الأحاديث التي تقول: إن النبي أجاز لقضاة المناطق العمل بالرأي.. " ومن الواضح:
الف: أن وجود الاجتهاد بالرأي في زمن الرسول لا يعني أن الرسول قد أمضاه وقبل به.. بل هو والأئمة من أهل بيته الطاهرين ما زالوا يقبحون العمل بالرأي وينهون عنه، ويعلنون رفضهم له ويخبرون الناس بأن دين الله لا يصاب بالعقول، ويعلمونهم بالعقوبات القاسية التي أعدها الله لمن يفعل ذلك.
ونذكر من هذه النصوص الرواية التالية:
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله، ولا سنة نبيه؛ فننظر فيها؟!
(فقال: لا، أما إنك إن أصبت لم تؤجر، وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل) (1).
ب: لو صح ما ذكره هذا البعض لم تتحقق بدعة أصلا.. لأن بإمكان كل أحد أن ينتج رأيا يخالف فيه حكم الله بحجة: أنه لا يستطيع أن يرى النبي، وحتى لو رآه، فإن ما يقوله وما يفعله (ص) لا يملك روحا مطلقة، تحميه من الاحتمال الآخر..
وقد روي عن رسول الله (ص) قوله: (إذا ظهرت البدع في أمتي، فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله) (2).
وعنه (ص): (من أتى ذا بدعة فعظمه، فإنما يسعى في هدم الإسلام) (3).
وعنه (ص): (أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة، قيل: يا رسول الله، وكيف ذلك؟
قال: إنه قد أشرب قلبه حبها) (4).