الذي يكون الخير طبيعته وسجيته، ولا يحمل في داخله أي شهوة أو غريزة يمكن أن يكون لها أدنى أثر في صرفه عن وجهته، أو أدنى أثر في وهن عزيمته.
كما أنه حين أراد الحصول على ملك لا يبلى، فإنه لم يرده حبا في الدنيا وإيثارا لها.. وإنما ليكون قوة له في طاعة الله سبحانه، ووسيلة لإقامة العدل المحبوب لله فيما استخلفه سبحانه وتعالى فيه.
أضف إلى ذلك أن طموح آدم (ع) وسعيه هو أن يبقى يعيش مع الله، وأن يكون عمره مديدا ومديدا جدا يصرفه كله في عبادته سبحانه، وفي رضاه، فهو لا يريد الخلود لأجل الدنيا، أو استجابة لشهوة حب البقاء..
نعم هذه هي أهداف وطموحات آدم (ع) النبي العاقل والحكيم، وهذا هو كل همه، وغاية سعيه، ولو أنه لم يرد ذلك، لكان فيه نقص، ولما استحق مقام النبوة، لأنه بذلك يريد أن يبقى بعيدا عن الله، مستجيبا لغرائزه وشهواته..
وفوق ذلك كله، فإنه إذا كان قادرا على التصرف في الأمور وكان ملكا فإنه سيكون قادرا على التقلب في طاعة الله في مختلف الحالات، وينال بذلك أعظم مواقع القرب والزلفى منه تعالى.
ولأجل ذلك نجد أن إبليس اللعين قد ضرب على هذا الوتر الحساس بالذات، حين قال لهما وهما لا يريانه - كما روي عن الإمام العسكري عليه السلام - أو على الأقل لا دليل على رؤيتهم له ولا على معرفتهم به (1).
نعم، لقد ضرب إبليس اللعين على هذا الوتر فقال: (هل أدلكما على شجرة الخلد وملك لا يبلى (.
وقال لهما أيضا: (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ((2)، فوعدهما بثلاثة أمور هي: الملك الباقي.. والخلود ونيلهما صفة الملائكية.