وإنما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما، وقال: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة، وإنما نهاكما عن أن تقربا غيرها، ولم ينهكما عن الأكل منها إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين، وقاسمهما إني لكما من الناصحين، ولم يكن آدم وحواء شاهدا من قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا، فدلاهما بغرور فأكلا منها ثقة بيمينه بالله) (1).
والنتيجة هي:
أولا: إن الشجرة المنهي عنها هي شجرة مخصوصة ومحددة، ولم ينههما عن جنسها، وهما إنما أكلا من غير التي حددت لهما.
ثانيا: وجود القسم - كما سنرى.
ثالثا: وجود التعليل الذي ينسجم مع طموح آدم كنبي، كإنسان كامل.
10 - لقد كان الله سبحانه قد أعطاهما حياة تناسب الجنة، وتحمل الخصائص التي تحقق السعادة الواقعية (فكلا منها رغدا حيث شئتما (. ومن الواضح: أن الإنسان المتوازن والمدرك والعاقل، الذي هو في مستوى نبي، ويليق بأن يكون أبا للبشرية ويكون النموذج للكمال البشري، حين جعله الله في الجنة فإنه أهله بما يناسب الجنة من حالات وخصائص ومواصفات ولكنه حين أكل هو وزوجه من الشجرة ظهرت صفاتهما البشرية وغير من حالهما بصورة أساسية ما فاجأهما، حيث صارا يحسان بالجوع وبالعطش وبالصحة، وبالمرض والخوف والحزن والتعب والحر والبرد، واحتاجا إلى النكاح وغير ذلك، مع أن الله سبحانه حين أسكن آدم عليه السلام في الجنة قال له: (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى (فهذه الآية الشريفة - فيما يظهر - لا تريد حصر الوعد الإلهي بهذه الأربعة، بل هي تشمل كل ما هو من هذا السنخ، حتى الصحة والمرض والخوف والحزن و.. الخ، ولعل هذه الأربعة قد خصصت بالذكر.. لتكون مثالا، أو لتكون هي الأصول التي ينشأ عنها كل ما يدخل في هذا السياق فإن الله حين يتعهد بأن يمنع عن الإنسان حتى ما يضايقه من حر الشمس، فهل يرضى له بالحزن والخوف والمرض.. وما إلى ذلك؟!!