غناه، و.. فكان من الطبيعي أن يدعو آدم ربه، وقد نقلت الروايات لنا ذلك.
ثم تفضل الله عليه بتعليمه أسماء أهل البيت (عليهم السلام) ليكونوا شفعاءه ووسيلته. فيكون قد جمع بين الدعاء وبين التوسل.
ولماذا يستبعد الروايات التي تحدثت عن أن الكلمات هي محمد، وفاطمة، وعلي، والحسنان.. فإن بإمكانه أن يجمع بين الروايات باعتبار أنه عليه السلام قد جمع بين الدعاء وبين التوسل فيكون دعاؤه عليه السلام قد اشتمل على الأمرين معا.
4 - من قال: إن هبوط آدم (ع) وحواء من الجنة كان قد جاء على سبيل العقوبة لهما.. فلعله قد جاء من خلال: الحالة التي استجدت لهما بسبب الأكل من الشجرة، من خلال تبلور الطبيعة البشرية بما لها من عوارض في شخصيتهما حيث أصبحا يشعران بالحر والبرد، وبالقوة والضعف، وبالصحة والمرض، وبالجوع والشبع، وبالري والعطش.
وأصبح الواحد منهم يعرق، ويبول، ويتغوط، وينام إلى غير ذلك من حالات تعرض للبشر العاديين.
فلم يعد يمكنهما البقاء في الجنة من أجل ذلك فكان لا بد من التوجيه الإلهي لهما باختيار المكان المناسب، دون أن يكون ذلك إبعادا لهما عن ساحة الرحمة والقرب، والزلفى.
أما إبليس، فإن خروجه كان عقوبة له.. فإن طبيعة كينونته، وتكوينه لا تقتضي أن يحصل له ما كان يحصل لآدم من العطش والجوع والحر والبرد والمرض وما إلى ذلك. فإذا طرد من الجنة، فإن طرده يمثل إبعادا عن ساحة القرب والزلفى والرحمة الإلهية، وحرمانا من مقام الكرامة الربانية.
وسيتضح الفرق بين الموقفين، الذي يبرر اعتبار هذا عقوبة وذاك كرامة.
5 - وقد روي عن الإمام الصادق (ع) أو الإمام الباقر (ع) قوله عن آدم (ع): (إنه لم ينس وكيف ينسى وهو يذكره، ويقول له إبليس: (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين () (1).